وقوله : { وَالأَنْعَامَ خَلَقَها لَكُمْ5 }
نصبت ( الأنعامَ ) بخلقها لما كانت في الأنعام واو . كذلك كلّ فعل عاد على اسم بِذكرِه ، قبل الاسم واو أو فاء أو كلام يحتمل نُقْلة الفعل إلى ذلك الحرف الذي قبل الاسم ففيه وجهان : الرفع والنصب . أما النصب فأن تجعل الواو ظَرْفا للفعل . والرفع أن تجعل الواو ظرفاً للاسم الذي هي معه . ومثله { وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ } { والسَّماء بَنَيناها بأَيْدٍ } وهو كثير .
ومثله : { وكُلَّ إنْسَانٍ أَلْزَمْناهُ طَائرَهُ } { وكُلَّ شيء أَحْصَيْناهُ } .
والوجه في كلام العرب رفع كُلّ في هذين الحرفين ، كان في آخره راجع من الذكر أو لم يكن لأنه في مذهب ما مِن شيء إلاّ قد أحصيناه في إمام مبين والله أعلم . سمعت العرب تُنشد :
ما كلُّ مَنْ يظَّنُّنِي أَن مُعْتب *** ولا كلُّ ما يَرْوَى على أقول
فلم يوقع على ( كلّ ) الآخرة ( أقول ) ولا على الأولى ( مُعتب ) . وأنشدنى بعضهم :
قد حَلِقت أَمُّ الخِيَار تَدَّعِي *** عليّ ذَنْبا كلُّه لم أصْنِع
وقرأ عليّ بعضُ العرب بسورة يس { وَكُلَّ شَيءٍ أَحْصَيْناهُ في إِمامٍ مُبِين } رفعاً قرأها غير مَرّة .
وأما قوله : { وكلُّ شيء فَعَلُوهُ في الزْبُر } فلا يكون إلاّ رفعاً ؛ لأن المعنى - والله أعلم - كلُّ فعلهم في الزبر مكتوب ، فهو مرفوع بِفى وَ ( فعلوه ) صلة لشيء . ولو كانت ( في ) صلة لفعلوه في مثل هذا من الكلام جاز رفع كل ونصبها ؛ كما تقول : وكلّ رجل ضربوه في الدار ، فإن أردت ضَرَبوا كلّ رجل في الدار رفعت ونصبت . وإن أردت : وكلّ من ضربوه هو في الدار رفعت .
وقوله : { لَكُمْ فِيها دِفْءٌ } وهو ما ينتفع به من أوبارها . وكتبت بغير همز لأن الهمزة إذا سكن ما قبلها حذفت من الكتاب ، وذلك لخفاء الهمزة إذا سُكِت عليها ، فلما سكن ما قبلها ولم يقدِروا على همزها في السكت كان سكوتهم كأنه على الفاء . وكذلك قوله : { يُخْرِجُ الخَبْء } و { النَشْأَةَ } و { مِلْء الأَرْضِ } واعمل في الهمز بما وجدت في هذين الحرفين .
وإن كتبت الدِّفء في الكلام بواو في الرفع وياء في الخفض وألِف في النصب كان صَوابا . وذلك على ترك الهمز وَنقل إعراب الهمزة إلى الحرف الذي قبلها . من ذلك قول العرب . هؤلاء نَشْءٌ صِدْق ، فإذا طَرحُوا الهمزة قالوا : هؤلاء نَشُو صِدْق ورأيت نَشَا صِدْق ومررت بِنَشِي صدق . وأجود من ذلك حذف الواو والألف والياء ؛ لأن قولهم : يَسَل أكثر من يَسَال ، ومَسَلة أكثر من مَسَالة وكذلك بين المَرِ وزوجه إذا تركت الهمزة .
والمنافع : حملهم على ظهورها ، وأولادُها وألبانها . والدفء : ما يلبسون منها ، ويبتنون من أوبارها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.