غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ وَمَنَٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (5)

1

ثم أردف تكوين الإنسان بتكوين الحيوانات التي ينتفع بها الإنسان في ضروراته من الأكل والركوب وجر الأثقال وفي غير الضروريات من الأغراض الصحيحة كالتزيين والجمال فقال : { والأنعام خلقها } هي الأزواج الثمانية المذكورة في سورة الأنعام وهي : الضأن والمعز والإبل والبقر . وإن شئت قلت : الإبل والبقر والغنم . قال في الكشاف : وأكثر ما يقع هذا اللفظ على الإبل : قلت : ويمكن أن يستدل على ذلك بقوله بعد ذلك : { وتحمل أثقالكم } لأن هذا الوصف لا يليق إلا بالإبل . وانتصابها بمضمر يفسره الظاهر . ويجوز أن يكون معطوفاً على { الإنسان } أي خلق الإنسان والأنعام . ثم قال : { خلقها لكم } أي ما خلقها إلا لكم ولمصالحكم يا جنس الإنسان . قال صاحب النظم : وأحسن الوجهين أن يكون الوقف عند قوله : { خلقها } بدليل أنه عطف عليه قوله : { ولكم فيها جمال } والدفء اسم ما يدفأ به كالملء اسم ما يملأ به وهو الدفاء من لباس معمول من صوف أو وبر أو شعر . قال الجوهري : الدفء نتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها ، والدفء أيضاً السخونة . وقوله : { ومنافع } قالوا : المراد نسلها ودرّها ، والمنافع بالحقيقة أعم من ذلك فقد ينتفع بها في البيع والشراء بالنقود والأثواب وبسائر الحاجات . أما قوله : { ومنها تأكلون } بتقديم الظرف المؤذن بالاختصاص فلأن الأكل منها هو الأصل الذي يعتمده الناس في مآكلهم عادة ، وأما الأكل من غيرها كالدجاج وصيد البر والبحر فكغير المعتد به الجاري مجرى التفكه ، ويحتمل أن يراد أن غالب أطعمتكم إنما يحصل منها لأنكم تحرثون بالبقر وتكتسبون بإكراء الإبل وتشترون بنتاجها وألبانها وجلودها جميع ما تشتهون من الأطعمة .

/خ8

/خ23