تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النازعات وهي مكية

{ 1 - 14 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا * يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ * يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً * قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ }

هذه الإقسامات بالملائكة الكرام ، وأفعالهم الدالة على كمال انقيادهم لأمر الله ، وإسراعهم في تنفيذ أمره ، يحتمل أن المقسم عليه ، الجزاء والبعث ، بدليل الإتيان بأحوال القيامة بعد ذلك ، ويحتمل أن المقسم عليه والمقسم به متحدان ، وأنه أقسم على الملائكة ، لأن الإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة ، ولأن في ذكر أفعالهم هنا ما يتضمن الجزاء الذي تتولاه الملائكة عند الموت وقبله وبعده ، فقال : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } وهم الملائكة التي تنزع الأرواح بقوة ، وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح ، فتجازى بعملها .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وآياتها ست وأربعون . وهي مبدوءة بجملة أقسام ، إذ يقسم الله بأجزاء من خلقه على أن الساعة حق وأن الناس مبعثون من قبورهم ليساقوا إلى المحشر حيث الحساب والجزاء .

وفي السورة تذكير بقصة موسى { إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى } إذ أمره الله أن يذهب إلى فرعون فينذره ويحذره فظاعة ظلمه وطغيانه لكنه بشقوته أبى وعتا واستكبر ، وقال مقالته الظالمة النكراء { أنا ربكم الأعلى } فانتقم الله منه بذلك أشد انتقام جزاء مقالته هذه والتي سبقتها وهي قوله : { ما علمت لكم من إله غيري } .

وفي السورة تذكير بجيئة الطامة الكبرى . لا جرم أن التسمية بهذا الاسم القارع المثقل ، يصوّر للأذهان والأخيلة والجنان فظاعة هذا الحدث الكوني المرعب الذي توضع فيه الموازين ، وتجتمع فيه الخلائق كافة لتناقش الحساب . وحينئذ تغشى الناس غاشية من الذعر والحسرة والندم ، وليس لها من دون كاشفة ولا منجاة .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والنازعات غرقا 1 والناشطات نشطا 2 والسابحات سبحا 3 فالسابقات سبقا 4 فالمدبرات أمرا 5 يوم ترجف الراجفة 6 تتبعها الرادفة 7 قلوب يومئذ واجفة 8 أبصارها خاشعة 9 يقولون أإنّا لمردودون في الحافرة 10 أإذا كنا عظاما نخرة 11 قالوا تلك إذا كرّة خاسرة 12 فإنما هي زجرة واحدة 13 فإذا هم بالساهرة } .

هذه أشياء من خلق الله قد أقسم الله بها على أن القيامة حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها فقال سبحانه : { والنازعات غرقا } فقد أقسم الله بالنازعات وهي الملائكة التي تنزع أرواح الأشقياء والظالمين بغلظة وفظاظة { غرقا } منصوب على المصدر . أي تقذفها في النار عقب انتزاعها من الأجساد .