السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة النازعات مكية ، وهي خمس أو ست وأربعون آية ومائة وسبعون كلمة وسبعمائة وثلاثون حرفاً

{ بسم الله } الذي أحاط علمه بالكائنات { الرحمن } الذي أنعم على سائر الموجودات { الرحيم } الذي خص أولياءه بالجنات .

{ والنازعات } أي : الملائكة تنزع أرواح الكفار { غرقاً } أي : تنزع أرواحهم من أجسادهم بشدّة كما يغرق النازع في القوس ليبلغ بها غاية المدّ بعدما نزعها ، حتى إذا كادت تخرج ردّها إلى جسده فهذا عملهم بالكفار . وقال عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما : يريد نفس الكفار ينزعها ملك الموت من أجسادهم من تحت كل شعرة ومن تحت الأظافير وأصول القدمين نزعاً كالسفود ينزع من الصوف الرطب ، ثم يغرقها أي : يرجعها إلى أجسادهم ثم ينزعها ، فهذا عمله في الكفار .

وقال السدّي رضي الله عنه : والنازعات هي النفوس حين تغرق في الصدور ، وقال مجاهد رضي الله عنه : هي الموت ينزع النفوس . وقال الحسن وقتادة رضي الله عنهم : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب . وقال عطاء وعكرمة رضي الله عنهم : هي النفوس ، وقيل : الغزاة .

تنبيه : غرقاً يجوز أن يكون مصدراً على حذف الزوائد بمعنى إغراقاً ، وانتصابه بما قبله لملاقاته في المعنى ، وأن يكون على الحال أي : ذوات إغراق . يقال : أغرق في الشيء يغرق فيه إذا أوغل وبلغ أقصى غايته .