فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة النازعات

وتسمى سورة الساهرة ، هي خمس وأربعون آية ، وقيل ست وأربعون آية وهي مكية بلا خلاف . وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة النازعات بمكة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله .

1

وقال السديّ { النازعات } هي النفوس حين تغرق في الصدور . وقال مجاهد : هي الموت ينزع النفس . وقال قتادة : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق ، من قولهم : نزع إليه إذا ذهب ، أو من قولهم : نزعت بالحبل : أي إنها تغرب وتغيب وتطلع من أفق آخر . وبه قال أبو عبيدة والأخفش وابن كيسان . وقال عطاء وعكرمة : النازعات القسي تنزع بالسهام وإغراق النازع في القوس أن يمدّه غاية المدّ حتى ينتهي به إلى النصل . وقال يحيى بن سلام : تنزع بين الكلأ وتنفر ، وقيل : أراد بالنازعات الغزاة الرماة ، وانتصاب { غَرْقاً } على أنه مصدر بحذف الزوائد : أي إغراقاً ، والناصب له ما قبله لملاقاته له في المعنى : أي إغراقاً في النزع حيث تنزعها من أقاصي الأجساد ، أو على الحال : أي ذوات إغراق ، يقال أغرق في الشيء يغرق فيه : إذا أوغل فيه وبلغ غايته .

/خ26