البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلنَّـٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة النازعات

هذه السورة مكية .

0

0

{ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً } .

أغرق في الشيء : بالغ فيه وأنهاه ، وأغرق النازع في القوس : بلغ غاية المد حتى ينتهي إلى النصل . والاستغراق : الاستيعاب ، والغرقى : قشرة البيضة .

ولما كانت الموصوفات المقسم بها محذوفات وأقيمت صفاتها مقامها ، وكان لهذه الصفات تعلقات مختلفة اختلفوا في المراد بها ، فقال عبد الله وابن عباس ؛ { النازعات } : الملائكة تنزع نفوس بني آدم ، و { غرقاً } : إغراقاً ، وهي المبالغة في الفعل ، أو غرق في جهنم ، يعني نفوس الكفار ، قاله عليّ وابن عباس .

وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وابن كيسان والأخفش : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق .

وقال السدّي وجماعة : تنزع بالموت إلى ربها ، وغرقاً : أي إغراقاً في الصدر .

وقال السدي أيضاً : النفوس تحن إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها ، ولها نزع عند الموت .

وقال عطاء وعكرمة : القسي أنفسها تنزع بالسهام .

وقال عطاء أيضاً : الجماعات النازعات بالقسي وغيرها إغراقاً .

وقال مجاهد : المنايا تنزع النفوس .

وقيل : النازعات : الوحش تنزع إلى الكلأ ، حكاه يحيى بن سلام .

وقيل : جعل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها لأنها عراب ، والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب ، قاله في الكشاف .