تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

والمقسم عليه قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ } يحتمل أن المراد بذلك ما يكابده ويقاسيه من الشدائد في الدنيا ، وفي البرزخ ، ويوم يقوم الأشهاد ، وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد ، ويوجب له الفرح والسرور الدائم .

وإن لم يفعل ، فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد أبد الآباد .

ويحتمل أن المعنى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، وأقوم خلقة ، مقدر{[1429]}  على التصرف والأعمال الشديدة ، ومع ذلك ، [ فإنه ] لم يشكر الله على هذه النعمة [ العظيمة ] ، بل بطر بالعافية وتجبر على خالقه ، فحسب بجهله وظلمه أن هذه الحال ستدوم له ، وأن سلطان تصرفه لا ينعزل ، ولهذا قال تعالى : { أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ }


[1429]:- في ب: يقدر.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

قوله : { لقد خلقنا الإنسان في كبد } جواب القسم . وهو أن الله خلق الإنسان في كبد . أي في مكابدة وتعب ومشقة . والإنسان لا يزال يكابد الشدائد والمتاعب طوال حياته في الدارين . وأول ذلك ، ظلمة الرحم في بطن أمه ، ثم الخروج إلى الدنيا حيث الشقاء والكروب والهموم وغير ذلك من ألوان المكابدة . ثم الموت وما فيه من شدة النزع . وغلظة الملائكة الشداد . ثم القبر وما فيه من هول العذاب ومساءلة الملكين الهائلين وغلظتهما . ثم الدار الآخرة وما فيها من أهوال الحساب وعظائم الحشر الرعيب .