فإن قلتم ، أو شككتم بصحته وحقيقته ، فسيقيم اللّه لكم ، ويريكم من آياته في الآفاق كالآيات التي في السماء وفي الأرض ، وما يحدثه اللّه تعالى من الحوادث العظيمة ، الدالة للمستبصر على الحق .
{ وَفِي أَنْفُسِهِمْ } مما اشتملت عليه أبدانهم ، من بديع آيات اللّه وعجائب صنعته ، وباهر قدرته ، وفي حلول العقوبات والمثلات في المكذبين ، ونصر المؤمنين . { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ } من تلك الآيات ، بيانًا لا يقبل الشك { أَنَّهُ الْحَقُّ } وما اشتمل عليه حق .
وقد فعل تعالى ، فإنه أرى عباده من الآيات ، ما به تبين لهم أنه الحق ، ولكن اللّه هو الموفق للإيمان من شاء ، والخاذل لمن يشاء .
{ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } أي : أولم يكفهم على أن القرآن حق ، ومن جاء به صادق ، بشهادة اللّه تعالى ، فإنه قد شهد له بالتصديق ، وهو أصدق الشاهدين ، وأيده ، ونصره نصرًا متضمنًا لشهادته القولية ، عند من شك فيها .
ثم وعد تعالى نبيه عليه السلام بأنه سيري الكفار آياته .
واختلف المتأولون في معنى قوله : { في الآفاق وفي أنفسهم } فقال أبو المنهال{[1]} والسدي وجماعة : هو وعد بما يفتحه الله تعالى على رسوله من الأقطار حول مكة ، وفي غير ذلك من الأرض كخيبر ونحوها . { وفي أنفسهم } أراد به فتح مكة .
قال القاضي أبو محمد : وهذا تأويل حسن ينتظم الإعلام بغيب ظهر وجوده بعد كذلك ويجري معه لفظ الاستئناف الذي في الفعل{[2]} .
وقال الضحاك وقتادة : { سنريهم آياتنا في الآفاق } هو ما أصاب الأمم المكذبة في أقطار الأرض قديماً { وفي أنفسهم } يوم بدر ، وقال ابن زيد وعطاء : { الآفاق } : آفاق السماء . وأراد : الآيات : في الشمس والقمر والرياح وغير لك . { وفي أنفسهم } عبرة الإنسان بجسمه وحواسه وغريب خلقته وتدريجه في البطن ونحو ذلك ، وهذه آيات قد كانت مرئية ، فليس هذا المعنى يجري مع قوله : «سنري » والتأويل الأول أرجحها ، والله أعلم . والضمير في قوله تعالى : { أنه الحق } عائد على الشرع والقرآن ، فبإظهار الله إياه وفتح البلاد عليه تبين لهم أنه الحق .
ثم قال تعالى وعداً لنبيه عليه السلام : { أولم يكف بربك } والتقدير : أولم يكف ربك ، والباء زائدة للتأكيد ، وأنه يحتمل أن يكون في موضع رفع على البدل من الموضع ، إذ التقدير : أولم يكف ربك ، ويحتمل أن يكون في موضع خفض على البدل من اللفظ ، وهذا كله بدل الاشتمال ، ويصح أن يكون في موضع نصب على إسقاط حرف الجر ، أي لأنه على كل شيء شهيد .
وقرأ الجمهور : «أنه » بفتح الألف ، وقرأ بعض الناس «إنه » بكسرها على الاعتراض أثناء القول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.