وقوله { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي : صانته وحفظته عن الفاحشة ، لكمال ديانتها ، وعفتها ، ونزاهتها .
{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [ عليه السلام ] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم ، فجاء منها عيسى ابن مريم [ عليه السلام ] ، الرسول الكريم والسيد العظيم .
{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ } وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة ، فإن التصديق بكلمات الله ، يشمل كلماته الدينية والقدرية ، والتصديق بكتبه ، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل ، [ ولهذا قال ] { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } أي : المطيعين لله ، المداومين على طاعته{[1172]} بخشية وخشوع ، وهذا وصف لها بكمال العمل ، فإنها رضي الله عنها صديقة ، والصديقية : هي كمال العلم والعمل .
{ ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه } أي في جيب درعها ، ولذلك ذكر الكناية ، { من روحنا وصدقت بكلمات ربها } يعني الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ، { وكتبه } قرأ أهل البصرة وحفص : { وكتبه } على الجمع ، وقرأ الآخرون : { وكتابه } على التوحيد . والمراد منه الكثرة أيضاً . وأراد بكتبه التي أنزلت على إبراهيم ، وموسى ، وداود ، وعيسى عليهم السلام . { وكانت من القانتين } أي من القوم القانتين المطيعين لربها ولذلك لم يقل من القانتات . وقال عطاء : من القانتين أي : من المصلين . ويجوز أن يريد بالقانتين رهطها وعشيرتها ، فإنهم كانوا أهل صلاح مطيعين لله . وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون " .
{ أحصنت فرجها } يعني : الفرج الذي هو الجارحة وإحصانها له هو صيانتها وعفتها عن كل مكروه .
{ فنفخنا فيه من روحنا } عبارة عن نفخ جبريل في فرجها ، فخلق الله فيه عيسى عليه السلام وأضاف الله الروح إلى نفسه إضافة مخلوق إلى خالقه ، وفي ذلك تشريف له .
{ وصدقت بكلمات ربها وكتابه } كلمات ربها يحتمل أن يريد بها الكتب التي أنزل الله أو كلامه مع الملائكة وغيرهم ، وكتابه بالإفراد يحتمل أن يريد به التوراة أو الإنجيل أو جنس الكتب وقرئ بالجمع يعني : جميع كتب الله { من القانتين } أي : من العابدين ، فإن قيل : لم قال من القانتين بجمع المذكر وهي أنثى ؟ فالجواب : أن القنوت صفة تجمع الرجال والنساء فغلب الذكور .
قوله : { ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها } مريم ، منصوب بالعطف على { امرأت فرعون } {[4579]} يعني وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم ابنة عمران { التي أحصنت فرجها } أحصنت ، أي عفت{[4580]} من الإحصان وهو العفاف . يعني ، وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم ابنة عمران فقد حفظت فرجها وصانته عن الفواحش { فنفخنا فيه من روحنا } وذلك بواسطة جبريل ( عليه السلام ) إذ بعثه الله إليها وأمره أن ينفخ بفيه في جيب درعها فحملت بأمر الله وقدرته ، بعيسى عليه السلام .
قوله : { وصدّقت بكلمات ربها وكتبه } المراد بكلمات ربها عيسى وأنه نبي . فقد أيقنت مريم بذلك تمام اليقين { وكتبه } وهي الكتب الأربعة المنزلة على النبيين { وكانت من القانتين } أي العابدين المخبتين الخاشعين لله{[4581]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.