قوله تعالى : { الذي أحسن كل شيء خلقه } قرأ نافع وأهل الكوفة : { خلقه } بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها ، أي : أحسن خلق كل شيء ، قال ابن عباس : أتقنه وأحكمه . قال قتادة : حسنه . وقال مقاتل : علم كيف يخلق كل شيء ، من قولك : فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه . وقيل : خلق كل حيوان على صورته لم يخلق البعض على صورة البعض ، فكل حيوان كامل في خلقه حسن ، وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه . { وبدأ خلق الإنسان من طين } يعني آدم .
قوله تعالى : " الذي أحسن كل شيء خلقه " قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : " خلقه " بإسكان اللام . وفتحها الباقون . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم طلبا لسهولتها . وهو فعل ماض في موضع خفض نعت ل " شيء " . والمعنى على ما روي عن ابن عباس : أحكم كل شيء حلقه ، أي جاء به على ما أراد ، لم يتغير عن إرادته . وقول آخر - أن كل شيء خلقه حسن ؛ لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله ، وهو دال على خالقه . ومن أسكن اللام فهو مصدر عند سيبويه ؛ لأن قوله : " أحسن كل شيء خلقه " يدل على : خلق كل شيء خلقا . فهو مثل : " صنع الله " {[12646]} [ النمل : 88 ] و " كتاب الله عليكم " {[12647]} [ النساء : 24 ] . وعند غيره منصوب على البدل من " كل " أي الذي أحسن خلق كل شيء . وهو مفعول ثان عند بعض النحويين ، على أن يكون معنى : " أحسن " أفهم وأعلم ، فيتعدى إلى مفعولين ، أي أفهم كل شيء خلقه . وقيل : هو منصوب على التفسير ؛ والمعنى : أحسن كل شيء خلقا . وقيل : هو منصوب بإسقاط حرف الجر ، والمعنى : أحسن كل شيء في خلقه . وروي معناه عن ابن عباس و " أحسن " أي أتقن وأحكم ، فهو أحسن من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها . ومن هذا المعنى قال ابن عباس وعكرمة : ليست است القرد بحسنة ، ولكنها متقنة محكمة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد " أحسن كل شيء خلقه " قال : أتقنه . وهو مثل قوله تبارك وتعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " {[12648]} [ طه : 50 ] أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة ، ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان . ويجوز : " خلقه " بالرفع ، على تقدير ذلك خلقه . وقيل : هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى . والمعنى : حسن خلق كل شيء حسن . وقيل : هو عموم في اللفظ والمعنى ، أي جعل كل شيء خلقه حسنا ، حتى جعل الكلب في خلقه حسنا ؛ قاله ابن عباس . وقال قتادة : في است القرد حسنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.