الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ مِن طِينٖ} (7)

ثم قال تعالى : { الذي أحسن كل شيء خلقه } أي : هو {[55060]} الذي أعطى كل شيء خلقه الإنسان للإنسان ، والفرس للفرس ، فقرن كل جنس بشكله . قاله مجاهد {[55061]} .

" وأحسن " على هذا القول بمعنى أعلم ، تقول [ العرب ] {[55062]} فلا يحسن كذا إذا كان يعلمه . هذا على قراءة من أسكن اللام من " خلقه " {[55063]} فيكون " خلقه " مفعولا به {[55064]} .

ويجوز عند سيبوبه أن ينتصب على المصدر المؤكد {[55065]} مثل { صنع الله الذي أتقن كل شيء } {[55066]} وقيل : هو منصوب على التفسير ، كقولك : زيد أوسعكم دارا ، والتقدير : أحسن كل شيء خلقا {[55067]} .

وقيل : أحسن على هذه القراءة بمعنى أعلم وألهم {[55068]} . فيكون خلقه مفعولا به {[55069]} .

وهو القول الذي ذكرنا عن مجاهد أولا . ومن فتح اللام {[55070]} جعله فعلا ماضيا {[55071]} .

والمعنى الذي أتقن كل شيء خلقه وأحكمه . والهاء في موضع نصب ، والفعل موضع خفض على النعت لشيء .

فالمعنى على قول ابن عباس : الذي أحكم كل شيء خلقه . أي : جاء به على ما أراد لم يتغير عن إرادته {[55072]} .

وروي عنه أنه كان يقرأ بفتح اللام ويقول : أما إن أست {[55073]} القرد ليست بحسنة ولكنها أحكمها {[55074]} .

وعن مجاهد في الفتح : أحسن {[55075]} بكل شيء خلقه .

وعن ابن عباس : في معنى الإسكان أحسن كل شيء في خلقه ، أي : جعل كل شيء في خلقه حسنا .

وأجاز الزجاج " خلقه " بالرفع على معنى : ذلك ، خلقه ، ولم يقرأ به أحد {[55076]} .

ثم قال تعالى : { وبدأ خلق الإنسان من طين } يعني : آدم صلى الله عليه وسلم {[55077]} .


[55060]:ج: "أي هو"
[55061]:انظر: جامع البيان 21/94
[55062]:مثبت في طرة أ
[55063]:هي قراءة ابن كثير أبي عمرو وابن عامر، انظر السبعة لابن مجاهد 516، والحجة لأبي زرعة 568، والتيسير للداني 177
[55064]:انظر: البيان لابن الأنباري 2/258
[55065]:انظر: الكتاب لسيبويه 1/381، وإعراب النحاس 3/292، والجامع للقرطبي 14/90 وقد أجاز سيبويه أن ينتصب "خلقه" على المصدر المؤكد وذل لأن قوله: "أحسن كل شيء خلقه" يدل على خلق كل شيء خلقا، فهو مثل "صنع الله الذي أتقن كل شيء"
[55066]:النمل: آية 90
[55067]:انظر: الجامع للقرطبي 14/90
[55068]:ج "ألهم وأعلم" تقديم وتأخير
[55069]:انظر: البيان لابن الأنباري 2/258، والجامع للقرطبي 14/90
[55070]:هي قراءة نافع وعاصم وحمزة والكسائي. انظر: السبعة لابن مجاهد 516 والحجة لأبي زرعة568
[55071]:انظر: معاني الزجاج 4/204 والبيان لابن الأنباري 2/258
[55072]:انظر: الجامع للقرطبي 14/90
[55073]:الأست: العجز وقد يراد به حلقة الدبر، انظر: مادة "سته" في الصحاح 6/2233 واللسان 13/495
[55074]:انظر: جامع البيان 21/94، والمحرر الوجيز 13/32، والجامع للقرطبي 14/90 والدر المنثور 6/539 وفتح القدير 4/251
[55075]:ج أحصى وهو تحريف
[55076]:انظر: معاني الزجاج 4/204
[55077]:ساقط من ج