تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

ثم ندبهم تعالى إلى ما هو الأليق بحالهم ، فقال : { فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } أي : فأولى لهم أن يمتثلوا الأمر الحاضر المحتم عليهم ، ويجمعوا عليه هممهم ، ولا يطلبوا أن يشرع لهم ما هو شاق عليهم ، وليفرحوا بعافية الله تعالى وعفوه .

{ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ } أي : جاءهم الأمر جد ، وأمر محتم ، ففي هذه الحال لو صدقوا الله بالاستعانة به ، وبذل الجهد في امتثاله { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } من حالهم الأولى ، وذلك من وجوه :

منها : أن العبد ناقص من كل وجه ، لا قدرة له إلا إن أعانه الله ، فلا يطلب زيادة على ما هو قائم بصدده .

ومنها : أنه إذا تعلقت نفسه بالمستقبل ، ضعف عن العمل ، بوظيفة وقته ، وبوظيفة المستقبل ، أما الحال ، فلأن الهمة انتقلت عنه إلى غيره ، والعمل تبع للهمة ، وأما المستقبل ، فإنه لا يجيء حتى تفتر الهمة عن نشاطها فلا يعان عليه .

ومنها : أن العبد المؤمل للآمال المستقبلة ، مع كسله عن عمل الوقت الحاضر ، شبيه بالمتألي الذي يجزم بقدرته ، على ما يستقبل من أموره ، فأحرى به أن يخذل ولا يقوم بما هم به ووطن نفسه{[788]} عليه ، فالذي ينبغي أن يجمع العبد همه وفكرته ونشاطه على وقته الحاضر ، ويؤدي وظيفته بحسب قدرته ، ثم كلما جاء وقت استقبله بنشاط وهمة عالية مجتمعة غير متفرقة ، مستعينا بربه في ذلك ، فهذا حري بالتوفيق والتسديد في جميع أموره .


[788]:- في ب: وتوعد نفسه، وكذلك كانت في أ من قبل ثم شطبها الشيخ -رحمه الله- وعدلها إلى: وطن نفسه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

{ طاعة وقول معروف } استئناف أي أمرهم { طاعة } أو { طاعة وقول معروف } خير لهم ، أو حكاية قولهم لقراءة أبي " يقولون طاعة " . { فإذا عزم الأمر } أي جد وهو لأصحاب الأمر ، وإسناده إليه مجاز وعامل الظرف محذوف ، وقيل { فلو صدقوا الله } أي فيما زعموا من الحرص على الجهاد أو الإيمان . { لكان } الصدق . { خيرا لهم } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

{ طاعة وقول معروف }

اللام على هذا الوجه إما مزيدة ، أي أولاهم الله ما يكرهون فيكون مِثل اللام في قول النابغة :

سَقْيا ورعيا لذاك العَاتب الزّاري

وإمّا متعلقة ب { أولى } على أنه فعل مضى ، وعلى هذا الاستعمال يكون قوله { طاعة وقول معروف } كلاماً مستأنفاً وهو مبتدأ خبره محذوف ، أي طاعة وقول معروف خير لهم ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره : الأمر طاعة ، وقول معروف ، أي أمر الله أن يطيعوا .

{ فَإِذَا عَزَمَ الأمر فَلَوْ صَدَقُواْ الله لَكَانَ خَيْراً لهم } .

تفريع على وصف حال المنافقين من الهلع عند سماع ذكر القتال فإنه إذا جدّ أمر القتال ، أي حان أن يُندب المسلمون إلى القتال سيضطرب أمر المنافقين ويتسللون لِوَاذاً من حضور الجهاد ، وأن الأولى لهم حينئذٍ أن يخلصوا الإيمان ويجاهدوا كما يجاهد المسلمون الخلص وإلاّ فإنهم لا محيص لهم من أحد أمرين : إمّا حضور القتال بدون نية فتكون عليهم الهزيمة ويخسروا أنفسهم باطلاً ، وإمّا أن ينخزلوا عن القتال كما فعل ابنُ أُبَّيّ وأتباعُه يومَ أحُد .

و { إذا } ظرف للزمان المستقبل وهو الغالب فيها فيكون ما بعدها مقدراً وجوده ، أي فإذا جدّ أمر القتال وحدث .

وجملة { فلو صدقوا الله } دليل جواب { إذَا } لأن { إذا } ضمنت هنا معنى الشرط ، أي كذبوا الله وأخلفوا فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم ، واقتران جملة الجواب بالفاء للدلالة على تضمين { إذَا } معنى الشرط ، وذلك أحسن من تجريده عن الفاء إذا كانت جملة الجواب شرطية أيضاً .

والتعريف في { الأمر } تعريف العهد ، أو اللام عن المضاف إليه ، أي أمر القتال المتقدم آنفاً في قوله : { وذُكر فيها القتال } .

والعزم : القطع وتحقق الأمر ، أي كونه لا محيص منه . واستعير العزم للتعيين واللزوم على طريقة المكنية بتشبيه ما عُبر عنه بالأمر ، أي القتال برجل عزم على عمل مَّا وإثبات العزم له تخييلة كَإثْبَاتِ الأظفار للمنية ، وهذه طريقة السكاكي في جميع أمثلة المجاز العقلي ، وهي طريقة دقيقة لكن بدون اطراد ولكن عندما يسمح بها المقام . وجعل في « الكشاف » إسناد العزم إلى الأمر مجازاً عقلياً ، وحقيقته أن يسند لأصحاب العزم على طريق الجمهور في مثله وهو هنا بعيد إذ ليس المعنى على حصول الجد من أصحاب الأمر ، ونظيره قوله تعالى : { إن ذلك من عزم الأمور } [ لقمان : 17 ] فالكلام فيها سواء .

ومعنى { صدقوا الله } قالوا له الصدق ، وهو مطابقة الكلام لما في نفس الأمر ، أي لو صدقوا في قولهم : نحن مؤمنون ، وهم إنما كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ أظْهروا له خلاف ما في نفوسهم ، فجعل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كذباً على الله تفظيعاً له وتهويلاً لمغبته ، أي لو أخلصوا الإيمان وقاتلوا بنية الجهاد لكان خيراً لهم في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا خير العزة والحُرمة وفي الآخرة خير الجنة .

فهذه الآية إنْبَاء مما سيكون منهم حين يجد الجد ويَجيءُ أوان القتال وهي من معجزات القرآن في الإخبار بالغيب فقد عزم أمر القتال يوم أُحُد وخرج المنافقون مع جيش المسلمين في صورة المجاهدين فلما بلغ الجيش إلى الشوْط بينَ المدينة وأُحد قال عبد الله بن أُبَيّ بنُ سلول رأسُ المنافقين : ما ندري علامَ نَقْتُل أنفسنا هاهنا أيها الناس ؟ ورجع هو وأتباعه وكانوا ثلث الجيش وذلك سنة ثلاث من الهجرة ، أي بعد نزول هذه الآية بنحو ثلاث سنين .

وقوله : { فلو صدقوا الله } جواب كما تقدم ، وفي الكلام إيجاز لأن قوله : { لكان خيراً } يؤذن بأنه إذا عزم الأمر حصل لهم ما لا خير فيه . ولفظ { خيراً } ضد الشَّرِ بوزن فَعْل ، وليس هو هنا بوزن أَفْعَلَ .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ" وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل هؤلاء المنافقين من قبل أن تنزل سورة محكمة، ويذكر فيها القتال، وأنهم إذا قيل لهم: إن الله مفترض عليكم الجهاد، قالوا: سمع وطاعة، فقال الله عزّ وجلّ لهم إذَا أنْزلَتْ سُورَةٌ وفُرض القتال فيها عليهم، فشقّ ذلك عليهم، وكرهوه "طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ "قبل وجوب الفرض عليكم، فإذا عزم الأمر كرهتموه وشقّ عليكم. وقوله: "طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ" مرفوع بمضمر، وهو قولكم قبل نزول فرض القتال طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ...

وقوله: "فإذَا عَزَمَ الأمْرُ" يقول: فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بفرض ذلك كرهتموه... "فَلَوْ صَدَقُوا اللّهَ لَكانَ خَيْرا لَهُمْ" يقول تعالى ذكره: فلو صدقوا الله ما وعدوه قبل نزول السورة بالقتال بقولهم: إذ قيل لهم: إن الله سيأمركم بالقتال طاعة، فَوَفّوا له بذلك، لكان خيرا لهم في عاجل دنياهم، وآجل معادهم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فإذا عزم الأمر} اختُلف في تأويله. قال بعضهم: هو صلة قوله: {فإذا أُنزلت سورة مُحكَمة وذُكر فيها القتال} وعزم الأمر، فعند ذلك كان من المنافقين ما قال: {رأيت الذين في قلوبهم مرض} وليس في نفس ذكر القتال ما ذكر من نظر المغشيّ عليه من الموت. إنما ذلك الوصف وتلك الحال عند وجوب القتال ولزومه وتأكيده عليهم، وذلك في قوله تعالى: {فإذا عزم الأمر} أي وجب، وفُرض. فعند ذلك يكون حالهم ما ذكر. فأما بذكر نفس القتال فلا، والله أعلم. وقال بعضهم: {فإذا عزم الأمر} هو في الآخرة، أي فإذا تحقّق، وظهر ما كان أوعد لهم عليه السلام من نزول العذاب بهم في الآخرة. وقوله تعالى: {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} حين كان لا يزال العذاب بهم في الآخرة، والله أعلم...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

أولى لهم، {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} من أن يجزعوا من فرض الجهاد عليهم...

وفيه وجه...: أن قوله {طَاعَةٌ وَقُوْلٌ مَعْرُوفٌ} حكاية من الله عنهم قبل فرض الجهاد عليهم... والطاعة هي طاعة لله ورسوله في الأوامر والنواهي.

وفي القول المعروف وجهان:

أحدهما: هو الصدق والقبول.

الثاني: الإجابة بالسمع والطاعة...

.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} كلام مستأنف، أي: طاعة وقول معروف خير لهم. وقيل: هي حكاية قولهم، أي قالوا (طاعةٌ وقول) وقول معروف، بمعنى: أمرنا طاعة وقول معروف. وتشهد له قراءة أبيّ: يقولون طاعة وقول معروف {فَإِذَا عَزَمَ الامر} أي جدّ. والعزم والجد لأصحاب الأمر. وإنما يسندان إلى الأمر إسناداً مجازياً. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور} [الشورى: 43]. {فَلَوْ صَدَقُواْ الله} فيما زعموا من الحرص على الجهاد. أو: فلو صدقوا في إيمانهم وواطأت قلوبهم فيه ألسنتهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{طاعة} أي منهم {وقول معروف} أي بالتسليم والإذعان وحسن الانقياد خير لهم مما أظهروا من المحبة في الطاعة وما كشف حالهم عنه من الكراهة... {فإذا عزم الأمر} أي فإذا أمر بالقتال الذي ذكر في- أول السورة وغيره من الأوامر أمراً مجزوماً به معزوماً عليه {فلو صدقوا الله} أي الملك الأعظم المحيط قدرة وعلماً في قولهم الذي قالوه في طلب التنزيل {لكان} صدقهم له {خيراً لهم} أي من تعللهم وتسللهم عنه لواذاً على تقدير التنزيل في تسليم أن في جماحهم عن الأمر وتقاعدهم عنه نوع خير...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} أي: فأولى لهم أن يمتثلوا الأمر الحاضر المحتم عليهم، ويجمعوا عليه هممهم، ولا يطلبوا أن يشرع لهم ما هو شاق عليهم، وليفرحوا بعافية الله تعالى وعفوه...

{فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} أي: جاءهم الأمر جد، وأمر محتم، ففي هذه الحال لو صدقوا الله بالاستعانة به، وبذل الجهد في امتثاله {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} من حالهم الأولى،...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

أولى لهم (طاعة وقول معروف).. طاعة تستسلم لأمر الله عن طمأنينة، وتنهض بأمره عن ثقة. وقول معروف يشي بنظافة الحس واستقامة القلب، وطهارة الضمير. وأولى لهم إذا عزم الأمر، وجد الجد، وواجهوا الجهاد أن يصدقوا الله. يصدقوه عزيمة، ويصدقوه شعورا. فيربط على قلوبهم، ويشد من عزائمهم، ويثبت أقدامهم، وييسر المشقة عليهم، ويهون الخطر الذي يتمثلونه غولا تفغر فاها لتلتهمهم! ويكتب لهم إحدى الحسنيين: النجاة والنصر، أو الاستشهاد والجنة.. هذا هو الأولى. وهذا هو الزاد الذي يقدمه الإيمان فيقوي العزائم ويشد القوائم، ويذهب بالفزع، ويحل محله الثبات والاطمئنان.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{فَإِذَا عَزَمَ الأمر فَلَوْ صَدَقُواْ الله لَكَانَ خَيْراً لهم}...

إذا جدّ أمر القتال، أي حان أن يُندب المسلمون إلى القتال سيضطرب أمر المنافقين ويتسللون لِوَاذاً من حضور الجهاد، وأن الأولى لهم حينئذٍ أن يخلصوا الإيمان ويجاهدوا كما يجاهد المسلمون الخلص وإلاّ فإنهم لا محيص لهم من أحد أمرين: إمّا حضور القتال بدون نية فتكون عليهم الهزيمة ويخسروا أنفسهم باطلاً، وإمّا أن ينخذلوا عن القتال كما فعل ابنُ أُبَّيّ وأتباعُه يومَ أحُد. و {إذا} ظرف للزمان المستقبل وهو الغالب فيها فيكون ما بعدها مقدراً وجوده، أي فإذا جدّ أمر القتال وحدث...

والتعريف في {الأمر} تعريف العهد، أو اللام عن المضاف إليه، أي أمر القتال المتقدم آنفاً في قوله: {وذُكر فيها القتال}. والعزم: القطع وتحقق الأمر، أي كونه لا محيص منه...

ومعنى {صدقوا الله} قالوا له الصدق، وهو مطابقة الكلام لما في نفس الأمر، أي لو صدقوا في قولهم: نحن مؤمنون، وهم إنما كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ أظْهروا له خلاف ما في نفوسهم، فجعل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كذباً على الله تفظيعاً له وتهويلاً لمغبته، أي لو أخلصوا الإيمان وقاتلوا بنية الجهاد لكان خيراً لهم في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا خير العزة والحُرمة وفي الآخرة خير الجنة...

فهذه الآية إنْبَاء مما سيكون منهم حين يجد الجد ويَجيءُ أوان القتال وهي من معجزات القرآن في الإخبار بالغيب فقد عزم أمر القتال يوم أُحُد وخرج المنافقون مع جيش المسلمين في صورة المجاهدين فلما بلغ الجيش إلى الشوْط بينَ المدينة وأُحد قال عبد الله بن أُبَيّ بنُ سلول رأسُ المنافقين: ما ندري علامَ نَقْتُل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟ ورجع هو وأتباعه وكانوا ثلث الجيش وذلك سنة ثلاث من الهجرة، أي بعد نزول هذه الآية بنحو ثلاث سنين...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} فطبيعة الالتزام الذي التزموه أمامنا أي أمام الله بإعلانهم كلمة الإيمان، هو طاعة تحدّد الموقف الحاسم، وقول معروف يؤكد الالتزام، لأن الإيمان عهدٌ بين الله وبين عباده أن يطيعوه ولا يعصوه، ويلتزموا كلمته دون أن ينحرفوا عنها، {فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ} واشتد وتحوّل إلى حالةٍ جدّيةٍ لا تحتمل الجدل ولا الهزل، فلا بد من أن يصدقوا الله عهده... {فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} لأنه يقرّبهم إليه، ويحقق لهم النتائج الكبيرة على مستوى المصير. ولكنهم لم يصدقوا ولم يلتزموا، بل ضعفوا وسقطوا في امتحان الإيمان...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إنّ التعبير ب (قول معروف) يمكن أن يكون في مقابل الكلمات الهزيلة المنكرة التي كان يتفوّه بها المنافقون بعد نزول آيات الجهاد، فقد كانوا يقولون تارةً (لا تنفروا في الحر)، وأخرى: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلاّ غروراً)، وثالثة كانوا يقولون: (هلمّ إلينا)، من أجل إضعاف المؤمنين وإعاقتهم عن التوجّه إلى ميدان الجهاد. ولم يكونوا يكتفون بعدم ترغيب الناس في أمر الجهاد، بل كانوا يبذلون قصارى جهودهم من أجل صدّهم عن الجهاد، أو تثبيط معنوياتهم وعزائمهم على الأقل...