تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

{ 68 - 70 ْ } { قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ْ }

يقول تعالى مخبرًا عن بهت المشركين لرب العالمين { قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ْ } فنزه نفسه عن ذلك بقوله : { سُبْحَانَهُ ْ } أي : تنزه عما يقول الظالمون في نسبة النقائص إليه علوًا كبيرًا ، ثم برهن على ذلك ، بعدة براهين :

أحدها : قوله : { هُوَ الْغَنِيُّ ْ } أي : الغنى منحصر فيه ، وأنواع الغنى مستغرقة فيه ، فهو الغني الذي له الغنى التام بكل وجه واعتبار من جميع الوجوه ، فإذا كان غنيًا من كل وجه ، فلأي شيء يتخذ الولد ؟

ألحاجة منه إلى الولد ، فهذا مناف لغناه فلا يتخذ أحد ولدًا إلا لنقص في غناه .

البرهان الثاني ، قوله : { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ْ } وهذه كلمة جامعة عامة لا يخرج عنها موجود من أهل السماوات والأرض ، الجميع مخلوقون عبيد مماليك .

ومن المعلوم أن هذا الوصف العام ينافي أن يكون له منهم ولد ، فإن الولد من جنس والده ، لا يكون مخلوقًا ولا مملوكًا . فملكيته لما في السماوات والأرض عمومًا ، تنافي الولادة .

البرهان الثالث ، قوله : { إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا ْ } أي : هل عندكم من حجة وبرهان يدل على أن لله ولدًا ، فلو كان لهم دليل لأبدوه ، فلما تحداهم وعجزهم عن إقامة الدليل ، علم بطلان ما قالوه . وأن ذلك قول بلا علم ، ولهذا قال : { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ْ } فإن هذا من أعظم المحرمات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

يقول تعالى منكرًا على من ادعى أن له ولدًا : { سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ } أي : تقدس عن ذلك ، هو الغني عن كل ما سواه ، وكل شيء فقير إليه ، { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } أي : فكيف يكون له ولد مما خلق ، وكل شيء مملوك له ، عبد له ؟ ! { إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا } أي : ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان ! { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } إنكار ووعيد أكيد ، وتهديد شديد ، كما قال تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا } [ مريم : 88 - 95 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

{ قالوا اتخذ الله ولدا } أي تبناه . { سبحانه } تنزيه له عن التبني فإنه لا يصح إلا ممن يتصور له الولد وتعجب من كلمتهم الحمقاء { هو الغني } علة لتنزيهه فإن اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة . { له ما في السماوات وما في الأرض } تقرير لغناه . { إن عندكم من سلطان بهذا } نفي لمعارض ما أقامه من البرهان مبالغة في تجهيلهم وتحقيقا لبطلان قولهم ، و{ بهذا } متعلق ب { سلطان } أو نعت له أو ب { عندكم } كأنه قيل : إن عندكم في هذا من سلطان . { أتقولون على الله ما لا تعلمون } توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم . وفيه دليل على أن كل قول لا دليل عليه فهو جهالة وأن العقائد لابد لها من قاطع وأن التقليد فيها غير سائغ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

والضمير في { قالوا } للكفار العرب وذلك قول طائفة منهم : الملائكة بنات الله ، والآية بعد تعم كل من قال نحو هذا القول كالنصارى ومن يمكن أن يعتقد ذلك من الكفرة ، و { سبحانه } : مصدر معناه تنزيهاً له وبراءة من ذلك ، فسره بهذا النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله { هو الغني } صفة على الإطلاق أي لا يفتقر إلى شيء من الجهات ، و «الولد » جزء مما هو غني عنه ، والحق هو قول الله تعالى { أنتم الفقراء إلى الله }{[6164]} ، وقوله { ما في السماوات } ، أي بالملك والإحاطة والخلق ، و { إن } نافية ، و «السلطان » الحجة ، وكذلك معناه حيث تكرر من القرآن{[6165]} ، ثم وقفهم موبخاً بقوله { أتقولون على الله ما لا تعلمون } ، .


[6164]:- من الآية (15) من سورة (فاطر).
[6165]:- [بهذا] من قوله سبحانه: {إن عندكم من سلطان بهذا} متعلق بمعنى الاستقرار وهو الذي تعلق به الظرف، قال ذلك الحوفي، وتبعه الزمخشري فقال: "الباء حقها أن تتعلق بقوله: {إن عندكم} على أن يجعل القول مكانا للسلطان، والتقدير: إن عندكم فيما تقولون سلطان". وقال أبو البقاء: "[بهذا] متعلق بـ [سلطان] أو نعت له".