غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

61

ثم حكى نوعاً آخر من أباطيلهم فقال : { قالوا اتخذ الله ولداً سبحانه } وقد مر في «البقرة » . ولما نزه نفسه عن اتخاذ الولد برهن على ذلك بقوله : { هو الغني } وتقريره أن الغنى التام يوجب امتناع كونه ذا أجزاء ، وحصول الولد لا يتصور إلا بعد انفصال جزء منه يكون كالبذر بالنسبة إلى النبات ، وأيضاً إنما يحتاج إلى الولد وإلى توليد المثل الذي يقوم مقامه من يكون بصدد الانقضاء والانقراض فالأزلي القديم لا يفتقر إلى الولد ولا يصح له مثل . وأيضاً الغني لا يفتقر إلى الشهوة ولا إلى إعانة الولد ، ولو صح أن يتولد منه مثله لصح أن يكون هو أيضاً متولداً من مثله ولا يشكل هذا بالولد الأول من الأشخاص الحيوانية فإن المدعي هو الصحة لا الوقوع . ثم بالغ في البرهان فقال : { له ما في السموات وما في الأرض } وإذا كان الكل ملكه وعبيده فلا يكون شيء منها ولداً له لأن الأب يساوي الابن في الطبيعة بخلاف المالك . ثم زيف دعواهم الفاسدة فقال : { إن عندكم من سلطان بهذا } أي ما عندكم من حجة بهذا القول . قال في الكشاف : والباء حقها أن تتعلق بقوله : { إن عندكم } على أن يجعل القول مكاناً للسلطان كقولك : ما عندكم بأرضكم موز . كأنه قيل : إن عندكم فيما تقولون سلطان . أقول : كأنه نظر إلى أن استعمال الباء بمعنى «في » أكثر منه بمعنى «على » . ثم وبخهم على القول بلا دليل ومعرفة فقال : { أتقولون على الله ما لا تعلمون } .

/خ70