فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

{ قالوا اتخذ الله ولدا } هذا نوع آخر من أباطيل المشركين أو أهل الكتاب التي كانوا يتكلمون بها وهو زعمهم بأن الله سبحانه اتخذ وتبنى ولدا فرد ذلك عليهم بقوله : { سبحانه } فتنزه جل وعلا عما نسبوه إليه من هذا الباطل البين وكلمتهم الحمقاء وبين أنه { هو الغني } عن ذلك وأن الولد إنما يطلب لأجل الحاجة والغنى المطلق لا حاجة له حتى يكون له ولد يقضيها وإذا انتفت الحاجة انتفى الولد ، وأيضا إنما يحتاج إلى الولد من يكون بصدد الانقراض ليقوم مقامه والأزلي القديم لا يفتقر إلى ذلك ، وقد تقدم تفسير الآية في البقرة .

ثم بالغ في الرد عليهم بما هو كالبرهان فقال : { له ما في السماوات وما في الأرض } وإذا كان الكل له وفي ملكه فلا يصح أن يكون شيء مما فيهما ولدا له للمنافاة بين الملك والنبوة والأبوة .

ثم زيف دعواهم الباطلة وبين أنها بلا دليل فقال { إن } أي ما { عندكم من سلطان } حجة وبرهان { بهذا } القول الذي تقولونه ومن زائدة للتأكيد ثم وبخهم على هذا القول العاطل عن الدليل الباطل عند العقلاء { أتقولون على الله ما لا تعلمون } استفهام توبيخ ويستفاد من هذا أن كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم في شيء بل من الجهل المحض .