إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (68)

{ قَالُواْ } شروعٌ في ذكر ضربٍ آخرَ من أباطيلهم وبيانُ بطلانه { اتخذ الله وَلَدًا } أي تبنّاه { سبحانه } تنزيهٌ وتقديس له عما نسبوا إليه وتعجيبٌ من كلمتهم الحمقاء { هُوَ الغنى } على الإطلاق عن كل شيءٍ في كل شيء وهو علةٌ لتنزيهه سبحانه وإيذانٌ بأن اتخاذَ الولدِ من أحكام الحاجةِ وقوله عز وجل : { لهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض } أي من العقلاء وغيرِهم ، تقريرٌ لغناه وتحقيقٌ لمالكيته تعالى لكل ما سواه وقوله تعالى : { إِنْ عِندَكُمْ من سُلْطَانٍ } أي حجة { بهذا } أي بما ذكر من قولهم الباطلِ وتوضيحٌ لبطلانه بتحقيق سلامةِ ما أقيم من البرهان الساطِع عن المعارض ، فِمنْ في قوله تعالى : { من سلطان } زائدةٌ لتأكيد النفي وهو مبتدأٌ والظرفُ المقدم خبرُه أو مرتفعٌ على أنه فاعلٌ للظرف لاعتماده على النفي وبهذا متعلقٌ إما بسلطان لأنه بمعنى الحجةِ والبرهانِ وإما بمحذوف وقعَ صفةً له وإما بما في ( عندكم ) من معنى الاستقرارِ ، كأنه قيل : إن عندكم في هذا القول من سلطان ، والالتفاتُ إلى الخطاب لمزيد المبالغةِ في الإلزام والإفحام وتأكيدِ ما في قوله تعالى : { أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من التوبيخ والتقريعِ على جهلهم واختلاقِهم ، وفيه تنبيه على أن كل مقالةٍ لا دليلَ عليها فهي جهالةٌ وأن العقائدَ لا بد لها من برهان قطعيَ وأن التقليدَ بمعزل من الاعتداد به .