{ 88 } { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ } .
حيث كفروا بأنفسهم ، وكذبوا بآيات الله ، وحاربوا رسله ، وصدوا الناس عن سبيل الله ، وصاروا دعاة إلى الضلال ، فاستحقوا مضاعفة العذاب ، كما تضاعف جرمهم ، وكما أفسدوا في أرض الله .
ثم قال تعالى : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ } ، أي : عذابا على كفرهم ، وعذابًا على صدهم الناس عن اتباع الحق ، كما قال تعالى : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } [ الأنعام : 26 ] ، أي : ينهون الناس ، عن اتباعه ، ويبتعدون هم منه أيضًا ، { وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [ الأنعام : 26 ] .
وهذا دليل على تفاوت الكفار في عذابهم ، كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم ، كما قال [ الله ]{[16635]} تعالى : { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 38 ] .
وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا سُرَيْح بن يونس ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن عبد الله بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله في قول الله : { زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ } ، قال : زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال{[16636]} .
وحدثنا سريج بن يونس ، حدثنا إبراهيم بن سليمان ، حدثنا الأعمش ، عن الحسن ، عن ابن عباس أنه قال : { زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ } ، قال : هي خمسة أنهار
فوق{[16637]} العرش ، يعذبون ببعضها بالليل ، وببعضها بالنهار{[16638]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } .
يقول تعالى ذكره : الذين جحدوا يا محمد نبوّتك وكذّبوك فيما جئتهم به من عند ربك ، وصَدّوا عن الإيمان بالله وبرسوله ومن أراده ، زدناهم عذابا يوم القيامة في جهنم فوق العذاب الذي هم فيه ، قبل أن يزادوه . وقيل : تلك الزيادة التي وعدهم الله أن يزيدهموها ، عقارب وحيات . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله : زِدْناهُمْ عَذَابا فَوْقَ العَذَابِ قال : عقارب لها أنياب كالنخل .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله مثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو معاوية وابن عيينة ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله : { زِدْناهُمْ عَذَابا فَوْقَ العَذَابِ } ، قال : زِيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال .
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن سعيد ، عن سليمان ، عن عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، نحوه .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن السديّ ، عن مرّة ، عن عبد الله ، قال : { زِدْناهُمْ عَذَابا فَوْقَ العَذَابِ } قال : أفاعِيَ .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن السديّ ، عن مرّة عن عبد الله ، قال : أفاعيَ في النار .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مرّة ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا مجاهد بن موسى والفضل بن الصباح ، قالا : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير ، قال : إن لجهنم جِبابا فيها حيات أمثال البخت ، وعقارب أمثال البغال الدهم ، يستغيث أهل النار إلى تلك الجبِاب أو الساحل ، فتثب إليهم فتأخذ بشِفاههم وشفارهم إلى أقدامهم ، فيستغيثون منها إلى النار ، فيقولون : النارَ النارَ فتتبعهم حتى تجد حرّها فترجع ، قال : وهي في أسراب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني حَيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن لجهنم سواحل فيها حيات وعقارب ، أعناقها كأعناق البخت .
وقوله : { بِمَا كانُوا يُفْسِدُونَ } ، يقول : زدناهم ذلك العذاب على ما بهم من العذاب بما كانوا يفسدون ، بما كانوا في الدنيا يعصُون الله ويأمرون عباده بمعصيته ، فذلك كان إفسادهم ، اللهمّ إنا نسألك العافية ، يا مالك الدنيا والآخرة الباقية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.