فإذا كان هذا شأنه ، وأنا قد اختارني واصطفاني لرسالته ، فحقيق علي أن لا أكذب عليه ، ولا أقول عليه إلا الحق . فإني لو قلت غير ذلك لعاجلني بالعقوبة ، وأخذني أخذ عزيز مقتدر .
فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه ، خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة على صحة ما جاء به من الحق ، فوجب عليهم أن يعملوا بمقصود رسالته ، ولها مقصودان عظيمان . إيمانهم به ، واتباعهم له ، وإرسال بني إسرائيل الشعب الذي فضله اللّه على العالمين ، أولاد الأنبياء ، وسلسلة يعقوب عليه السلام ، الذي موسى عليه الصلاة والسلام واحد منهم .
{ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ } فقال بعضهم : معناه : حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق ، أي : جدير بذلك وحري به .
وقالوا و " الباء " و " على " يتعاقبان ، فيقال{[11994]} رميت بالقوس " و " على القوس " ، و " جاء على حال حسنة " و " بحال حسنة " .
وقال بعض المفسرين : معناه : حريص على ألا أقول على الله إلا الحق .
وقرأ آخرون من أهل المدينة : { حَقِيقٌ عَلَيّ } بمعنى : واجب وحق عَلَيّ ذلك ألا أخبر عنه إلا بما هو حق وصدق ، لما أعلم من عز جلاله وعظيم سلطانه .
{ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } أي : بحجة قاطعة من الله ، أعطانيها دليلا على صدقي فيما{[11995]} جئتكم به ، { فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } أي : أطلقهم من أسْرك وقهرك ، ودعهم وعبادة ربك وربهم ؛ فإنهم من سلالة نبي كريم إسرائيل ، وهو : يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن [ عليهم صلوات الرحمن ]{[11996]}
القول في تأويل قوله تعالى : { حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مّن رّبّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ } . .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله : حَقِيقٌ عَلى أن لا أقُولَ على اللّهِ إلاّ الحَقّ فقرأه جماعة من قرّاء المكيين والمدنيين والبصرة والكوفة : حَقِيقٌ على أن لا أقُولَ بإرسال الياء من «على » وترك تشديدها ، بمعنى : أنا حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحقّ ، فوجهوا معنى على إلى معنى الباء ، كما يقال : رميت بالقوس وعلى القوس ، وجئت على حال حسنة ، وبحال حسنة . وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول : إذا قرىء ذلك كذلك ، فمعناه : حريص على أن لا أقول إلا بحقّ . وقرأ ذلك جماعة من أهل المدينة : «حَقِيقٌ عَلىّ أنْ لا أقُولَ » بمعنى : واجب عليّ أن لا أقول ، وحُقّ عليّ أن لا أقول .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى ، قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب في قراءته الصواب .
وقوله : قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مِنْ رَبّكُمْ يقول : قال موسى لفرعون وملئه : قد جئتكم ببرهان من ربكم يشهد أيها القوم على صحة ما أقول وصدق ما أذكر لكم من إرسال الله إياي إليكم رسولاً ، فأرسل يا فرعون معي بني إسرائيل ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.