ثم وبخهم تعالى على عدم صبرهم بأمر كانوا يتمنونه ويودون حصوله ، فقال : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه } وذلك أن كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم ممن فاته بدر يتمنون أن يحضرهم الله مشهدا يبذلون فيه جهدهم ، قال الله [ تعالى ] لهم : { فقد رأيتموه } أي : رأيتم ما تمنيتم بأعينكم { وأنتم تنظرون } فما بالكم وترك الصبر ؟ هذه حالة لا تليق ولا تحسن ، خصوصا لمن تمنى ذلك ، وحصل له ما تمنى ، فإن الواجب عليه بذل الجهد ، واستفراغ الوسع في ذلك .
وفي هذه الآية دليل على أنه لا يكره تمني الشهادة ، ووجه الدلالة أن الله تعالى أقرهم على أمنيتهم ، ولم ينكر عليهم ، وإنما أنكر عليهم عدم العمل بمقتضاها ، والله أعلم .
وقوله : { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } أي : قد كنتم - أيها المؤمنون - قبل هذا اليوم تتمنون لقاء العدو وتتحرقون عليهم ، وتودون مناجزتهم ومصابرتهم ، فها قد حصل لكم الذي تمنيتموه وطلبتموه ، فدونَكم فقاتلوا وصابروا .
وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تَمَنَّوْا{[5775]} لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا الله الْعَافِيَةَ ، فَإذَا لقيتموهم فَاصْبِرُوا ، وَاعْلَمُوا أنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ " {[5776]} .
ولهذا قال : { فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ } يعني : الموت شاهدتموه{[5777]} في لَمَعان السيوف وحدّ الأسِنّة واشتباك الرِّماح ، وصفوف الرجال للقتال .
والمتكلمون يعبرون عن هذا بالتخْييل ، وهو مشاهدة ما ليس بمحسوس كالمحسوس{[5778]} كما تَتَخَيل الشاة صداقة الكبش وعداوة الذئب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.