تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ مِن طِينٖ} (7)

{ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } أي : كل مخلوق خلقه اللّه ، فإن اللّه أحسن خلقه ، وخلقه خلقًا يليق به ، ويوافقه ، فهذا عام .

ثم خص الآدمي لشرفه وفضله فقال : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ } وذلك بخلق آدم عليه السلام ، أبي البشر .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ مِن طِينٖ} (7)

قوله تعالى : " الذي أحسن كل شيء خلقه " قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : " خلقه " بإسكان اللام . وفتحها الباقون . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم طلبا لسهولتها . وهو فعل ماض في موضع خفض نعت ل " شيء " . والمعنى على ما روي عن ابن عباس : أحكم كل شيء حلقه ، أي جاء به على ما أراد ، لم يتغير عن إرادته . وقول آخر - أن كل شيء خلقه حسن ؛ لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله ، وهو دال على خالقه . ومن أسكن اللام فهو مصدر عند سيبويه ؛ لأن قوله : " أحسن كل شيء خلقه " يدل على : خلق كل شيء خلقا . فهو مثل : " صنع الله " {[12646]} [ النمل : 88 ] و " كتاب الله عليكم " {[12647]} [ النساء : 24 ] . وعند غيره منصوب على البدل من " كل " أي الذي أحسن خلق كل شيء . وهو مفعول ثان عند بعض النحويين ، على أن يكون معنى : " أحسن " أفهم وأعلم ، فيتعدى إلى مفعولين ، أي أفهم كل شيء خلقه . وقيل : هو منصوب على التفسير ؛ والمعنى : أحسن كل شيء خلقا . وقيل : هو منصوب بإسقاط حرف الجر ، والمعنى : أحسن كل شيء في خلقه . وروي معناه عن ابن عباس و " أحسن " أي أتقن وأحكم ، فهو أحسن من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها . ومن هذا المعنى قال ابن عباس وعكرمة : ليست است القرد بحسنة ، ولكنها متقنة محكمة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد " أحسن كل شيء خلقه " قال : أتقنه . وهو مثل قوله تبارك وتعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " {[12648]} [ طه : 50 ] أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة ، ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان . ويجوز : " خلقه " بالرفع ، على تقدير ذلك خلقه . وقيل : هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى . والمعنى : حسن خلق كل شيء حسن . وقيل : هو عموم في اللفظ والمعنى ، أي جعل كل شيء خلقه حسنا ، حتى جعل الكلب في خلقه حسنا ؛ قاله ابن عباس . وقال قتادة : في است القرد حسنة .

قوله تعالى : " وبدأ خلق الإنسان من طين " يعني آدم .


[12646]:راجع ج 13 ص 239 فما بعد.
[12647]:راجع ج 5 ص 120.
[12648]:راجع ج 11 ص 203 فما بعد.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ مِن طِينٖ} (7)

ولما ذكر{[54652]} صفة الرحيمية صريحاً لأقتضاء المقام إياها ، أشار إلى صفة الرحمانية فقال : { الذي أحسن {[54653]}كل شيء{[54654]} } ولما كان هذا الإحسان عاماً ، خصه بأن{[54655]} وصفه - على قراءة المدني والكوفي{[54656]} - بقوله : { خلقه } فبين أن ذلك بالإتقان والإحكام ، كما فسر ابن عباس{[54657]} رضي الله عنهما من حيث التشكيل والتصوير ، وشق المشاعر ، وتهيئة المدارك ، وإفاضة المعاني ، مع المفاوتة في جميع ذلك ، وإلى هذا أشار الإبدال في قراءة الباقين ، وعبر بالحسن لأن ما كان على وجه الحكمة كان حسناً وإن رآه {[54658]}الجاهل القاصر{[54659]} قبيحاً .

ولما كان الحيوان أشرف الأجناس ، وكان الإنسان أشرفه ، خصه بالذكر ليقوم{[54660]} دليل الوحدانية بالأنفس كما قام قبل بالآفاق{[54661]} ، فقال دالاً على البعث : { وبدأ خلق الإنسان } أي الذي{[54662]} هو المقصود الأول بالخطاب بهذا القرآن { من طين } أي مما ليس له أصل في الحياة بخلق آدم عليه السلام منه{[54663]} .


[54652]:زيدت الواو بعده في الأصل، ولم تكن في ظ وم ومد فحذفناها.
[54653]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[54654]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[54655]:في ظ: أن.
[54656]:راجع نثر المرجان 5/350.
[54657]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 5/184.
[54658]:في م ومد: القاصر الجاهل.
[54659]:في م ومد: القاصر الجاهل.
[54660]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: ليقوى.
[54661]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: بالاتفاق.
[54662]:زيدت الواو في ظ.
[54663]:سقط من ظ.