تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

{ 42 - 43 } { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا }

أي وأقسم هؤلاء ، الذين كذبوك يا رسول اللّه ، قسما اجتهدوا فيه بالأيمان الغليظة . { لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ } أي : أهدى من اليهود والنصارى [ أهل الكتب ] ، فلم يفوا بتلك الإقسامات والعهود .

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ } لم يهتدوا ، ولم يصيروا أهدى من إحدى الأمم ، بل لم يدوموا على ضلالهم الذي كان ، بل { مَا زَادَهُمْ } ذلك { إِلَّا نُفُورًا } وزيادة ضلال وبغي وعناد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

39

والجولة الرابعة مع القوم وما عاهدوا الله عليه ، ثم ما انتهوا بعد ذلك إليه من نقض للعهد ، وفساد في الأرض . وتحذير لهم من سنة الله التي لا تتخلف ، ولا تبديل فيها ولا تحويل :

وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم . فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً . استكباراً في الأرض ومكر السيى ء - ولا يحيق المكر السيى ء إلا بأهله - فهل ينظرون إلا سنة الأولين ? فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً . .

ولقد كان العرب يرون اليهود أهل كتاب يجاورونهم في الجزيرة ؛ وكانوا يرون من أمر انحرافهم وسوء سلوكهم ما يرون ؛ وكانوا يسمعون من تاريخهم وقتلهم رسلهم ، وإعراضهم عن الحق الذي جاءوهم به . وكانوا إذ ذاك ينحون على اليهود ؛ ويقسمون بالله حتى ما يدعون مجالاً للتشديد في القسم : ( لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ) . . يعنون اليهود . يعرضون بهم بهذا التعبير ولا يصرحون !

ذلك كان حالهم وتلك كانت أيمانهم . . يعرضها كأنما يدعو المستمعين ليشهدوا على ما كان من هؤلاء القوم في جاهليتهم . ثم يعرض ما كان منهم بعد ذلك حينما حقق الله أمنيتهم ، وأرسل فيهم نذيراً :

فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

الضمير في قوله { أقسموا } لكفار قريش ، وذلك أنه روي أن كفار قريش كانت قبل الإسلام تأخذ على اليهود والنصارى في تكذيب بعضهم بعضاً وتقول لو جاءنا نحن رسول لكنا أهدى من هؤلاء وهؤلاء ، و { جهد أيمانهم } منصوب على المصدر ، أي بغاية اجتهادهم ، و { إحدى الأمم } يريد اليهود والنصارى ، و «النفور » البعد عن الشيء والفزع منه والاستبشاع له .