تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا} (40)

{ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا } أي : على جنتك التي طغيت بها وغرتك { حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ } أي : عذابا ، بمطر عظيم أو غيره ، { فَتُصْبِحَ } بسبب ذلك { صَعِيدًا زَلَقًا } أي : قد اقتلعت أشجارها ، وتلفت ثمارها ، وغرق زرعها ، وزال نفعها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا} (40)

28

ويرجو عند ربه ما هو خير من الجنة والثمار :

( فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً )

وهكذا تنتفض عزة الإيمان في النفس المؤمنة ، فلا تبالي المال والنفر ، ولا تداري الغنى والبطر ، ولا تتلعثم في الحق ، ولا تجامل فيه الأصحاب . وهكذا يستشعر المؤمن أنه عزيز أمام الجاه والمال ، وأن ما عند الله خير من أعراض الحياة ، وأن فضل الله عظيم وهو يطمع في فضل الله . وأن نقمة الله جبارة وأنها وشيكة أن تصيب الغافلين المتبطرين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا} (40)

وقوله : { فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ } أي : في الدار الآخرة { وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا } أي : على جنتك في الدنيا التي ظننت أنها لا تبيد ولا تفنى { حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ } قال ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ، ومالك عن الزهري : أي عذابًا من السماء .

والظاهر أنه مطر عظيم مزعج ، يقلع زرعها وأشجارها ؛ ولهذا قال : { فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا } أي : بلقعًا ترابًا أملس ، لا يثبت فيه قَدم .

وقال ابن عباس : كالجُرز الذي لا ينبت شيئًا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا} (40)

( أنا ) ضمير فصل ، فلذلك كان أقل } منصوباً على أنه مفعول ثاننٍ ل { ترن } ولا اعتداد بالضمير .

و ( عسى ) للرجاء ، وهو طلب الأمر القريب الحصول . ولعله أراد به الدعاء لنفسه وعلى صاحبه .

والحسبان : مصدر حسب كالغفران . وهو هنا صفة لموصوف محذوف ، أي هلاكاً حسباناً ، أي مقدراً من الله ، كقوله تعالى : { عطاء حساباً } [ النبأ : 36 ] . وقيل : الحسبان اسم جمع لسهام قصار يرمى بها في طلق واحد وليس له مفرد . وقيل : اسم جمع حُسبانة وهي الصاعقة . وقيل : اسم للجراد . والمعاني الأربعة صالحة هنا ، والسماء : الجو المرتفع فوق الأرض .

والصعيد : وجه الأرض . وتقدم عند قوله تعالى : { فتيمموا صعيداً طيباً } [ المائدة : 6 ] . وفسروه هنا بذلك فيكون ذكره هنا توطئة لإجراء الصفة عليه وهي { زلقاً } .

وفي « اللسان » عن الليث « يقال للحَديقة ، إذا خربت وذهب شجراؤها : قد صارت صعيداً ، أي أرضاً مستوية لا شجر فيها »ا هـ . وهذا إذا صح أحسن هنا ، ويكون وصفه ب { زلقاً } مبالغة في انعدام النفع به بالمرة . لكني أظن أن الليث ابتكر هذا المعنى من هذه الآية وهو تفسير معنى الكلام وليس تبييناً لمدلول لفظ صعيد . ونظيره قوله : { وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } [ الكهف : 8 ] في أول هذه السورة .

والزلق : مصدر زلقت الرجل ، إذا اضطربت وزلت على الأرض فلم تستقر . ووصف الأرض بذلك مبالغة ، أي ذات زلق ، أي هي مزْلِقَة .