فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا} (40)

{ فعسى أن يؤتين } أي إن تراني أفقر منك فأنا أرجو أن يرزقني الله سبحانه جنة { خيرا من جنتك } في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما ، وفي الأول يكون الكافر أشد غيظا وحسرة ، وهذا رجاء من المؤمن وقرع على مقالة الكافر الأولى . { ويرسل عليها } أي على جنتك- { حسبانا } هو مصدر بمعنى الحساب كالغفران ، أي مقدارا قدره الله عليها ووقع في حسابه سبحانه وهو الحكم بتخريبها قال الزجاج الحسبان من الحساب ، أي يرسل عليها عذاب الحساب ، وهو حساب ما كسبت يداك وهو حسن .

وقال الأخفش { حسبانا } أي مرامي وقيل نارا { من السماء } واحدها حسبانة ، وكذا قال أبو عبيدة والقتيبي والكرخي .

وقال ابن الأعرابي : الحسبانة السحابة والوسادة والصاعقة وقال قتادة : حسبانا عذابا ، وقال النضير بن شميل : الحسبان سهام يرمي بها الرجل في جوف قصبة تنزع من قوس ثم يرمي بعشرين منها دفعة ، والمعنى يرسل عليها مرامي من عذابه إما بردا وإما حجارة أو غيرهما مما يشاء من أنواع العذاب .

{ فتصبح عيدا زلقا } مثل الجرز ، قاله ابن عباس ، أي فتصبح جنة الكافر بعد إرسال الله سبحانه عليها حسبانا أرضا جرداء ملساء لا نبات فيها ولا يثبت عليها قدم .

وقال قتادة : أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء ، وفي اللغة من جملة معاني الصعيد وجه الأرض ، وزلقا أي تزل فيه الأقدام لملامستها ، يقال مكان زلق بالتحريك أي دحض ، وقيل رملا هائلا ، وهو في الأصل مصدر قولك زلقت رجله تزلق زلقا وأزلقها غيره ، والمزلقة الموضع الذي لا تثبت عليه قدم وكذا الزلاقة ، وصف الصعيد بالمصدر مبالغة أو أريد به المفعول وصيرورتها كذلك لاستئصال نباتها وأشجارها بالذهاب والإهلاك فلم يبق له أثر .