اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا} (40)

قوله : { حُسْبَانًا } : الحسبان مصدر حسب الشيء يحسبه ، أي : أحصاهُ ، قال الزجاج : " أي عذاب حسبان ، أي : حساب ما كسبت يداك " وهو حسن .

فصل في معنى الحسبان

قال الراغب{[21088]} : " قيل : معناه ناراً ، وعذاباً ، وإنما هو في الحقيقة ما يحاسبُ عليه ، فيجازى بحسبه " وهذا موافق لما قاله أبو إسحاق ، والزمخشريُّ نحا إليه أيضاً ، فقال : " والحُسْبان مصدر ؛ كالغفران والبطلان بمعنى الحساب ، أي : مقداراً حسبه الله وقدَّره ، وهو الحكم بتخريبها " . وهو قول ابن عباس وقيل : جمع حسبانةٍ ، وهي السَّهمُ .

وقال ابن قتيبة : مرامي من السَّماء ، وهي مثل الصَّاعقة ، أي : قطع من النَّار .

قوله : { أَوْ يُصْبِحَ } : عطف على " يُرْسلَ " قال أبو حيَّان : و " أوْ يُصْبِحَ " عطفٌ على قوله : " ويُرْسِلَ " لأن غُؤورَ الماءِ لا يتَسبَّبُ عن الآفةِ السماوية ، إلا إن عنى بالحسبان القضاء [ الإلهيَّ ]{[21089]} ؛ فحينئذ يتسبَّب عنه إصباحُ الجنة صعيداً زلقاً ، أو إصباح مائها غوراً .

والزَّلقُ والغَوْرُ في الأصل : مصدران وصف بهما للمبالغة .

والعامة على فتح الغين ، غَارَ المَاءُ يَغورُ غَوراً : غَاضَ وذهب في الأرض ، وقرأ{[21090]} البرجميُّ بضم الغين لغة في المصدر ، وقرأت{[21091]} طائفة " غُؤوراً " بضمِّ الغين ، والهمزة ، وواوٍ ساكنة ، وهو مصدر أيضاً ، يقال : غار الماء غؤوراً مثل : جلس جلوساً .

فصل في معنى قوله : { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً }

معنى قوله : { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } أرضاً جرداء ملساء لا نبات فيها ، وقيل : تزلق فيها الأقدام .

وقال مجاهد{[21092]} : رملاً هائلاً ، والصعيد وجه الأرض .


[21088]:ينظر: المفردات 116.
[21089]:في ب: السماوي.
[21090]:ينظر: البحر 6/123، والدر المصون 4/459.
[21091]:ينظر: تخريج القراءة السابقة.
[21092]:ينظر: معالم التنزيل 3/163.