وقوله : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } أي : من مقدمي الزبانية ، عظيم خلقهم ، غليظ خلقهم .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أخبرني حريث ، عن عامر ، عن البراء في قوله : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } قال إن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم . فقال : الله ورسوله أعلم . فجاء رجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } فأخبر أصحابه وقال : " ادعهم ، أما إني سائلهم عن تُربَة الجنة إن أتوني ، أما إنها{[29497]} دَرْمكة بيضاء " . فجاؤوه فسألوه عن خزنة جهنم ، فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك الإبهام في الثانية ، ثم قال : " أخبروني عن تربة الجنة " . فقالوا : أخبرهم يا ابن سلام . فقال : كأنها خُبزَة بيضاء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما إن الخبز إنما يكون من الدّرمَك " . {[29498]}
هكذا وقع عند ابن أبي حاتم عن البراء ، والمشهور عن جابر بن عبد الله ، كما قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا منده ، حدثنا أحمد بن عَبدَة ، أخبرنا سفيان ويحيى بن حكيم ، حدثنا سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، غلبَ أصحابك اليوم . فقال : " بأي شيء ؟ " قال : سألتهم يَهُود هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار ؟ قالوا : لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفغلب قوم سُئلوا عما لا يدرون فقالوا : لا ندرى{[29499]} حتى نسأل نبينا ؟ عليَّ بأعداء الله ، لكن سألوا{[29500]} نبيهم أن يريهم الله جهرة " . فأرسل إليهم فدعاهم . قالوا : يا أبا القاسم ، كم عدد خزنة أهل النار ؟ قال : " هكذا " ، وطبق كفيه ، ثم طبق كفيه ، مرتين ، وعقد واحدة ، وقال لأصحابه : " إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدَّرمك " . فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تربة الجنة ؟ " فنظر بعضهم إلى بعض ، فقالوا : خبزة يا أبا القاسم . فقال : " الخبز من الدَّرمك " .
وهكذا رواه الترمذي عند هذه الآية عن ابن أبي عمر ، عن سفيان ، به{[29501]} وقال هو والبزار :
لا نعرفه{[29502]} إلا من حديث مجالد . وقد رواه الإمام أحمد ، عن علي بن المديني ، عن سفيان ، فقص الدرمك فقط . {[29503]}
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
في النار من الملائكة تسعة عشر خزنتها، يعني مالكا، ومن ومعه ثمانية عشر ملكا.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنهم خزنة جهنم، مع كل واحد من الأعوان ما لا يحصى.
ويحتمل أن يكون في السقر تسعة عشر دركا، وقد سلط على كل درك ملك؛ وذلك أن جهنم ذات حد في نفسها لأن الله تعالى، وعد أن يملأها من الجنة والناس، ولو لم ترجع إلى حد لكان لا يتحقق امتلاؤها بالقدر الذي ذكره.
ويحتمل أن يعذب فيها بتسعة عشر لونا من العذاب، وقد وكل كل واحد منهم أن يعذب بنوع من ذلك.
والأصل أن الله تعالى حكيم، يعلم أن في كل فعل من أفعاله حكمة عجيبة، ولكن لا كل حكمة يوصل إليها بالعقل، وينتهى إلى معرفتها بالتدبير.
ألا ترى أن الله تعالى جعل في الماء معنى، يحيي كل شيء؟ ولو أراد أن يتكلف استخراج المعنى الذي به صلح أن يكون طبعه موافقا لإحياء كل شيء، لا يمكنه ذلك، وجعل في الطعام ما يغذي، وينمي؟ ولو أراد أحدا أن يتعرف المعنى الذي يقع به الاغتذاء والإنماء لم يتدارك، وكذلك جعل في العدد الذين سماهم حكمة؟ ولكنا لا نصل إلى تعرفها بعقولنا وتدبيرنا.
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} من الخزنة ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر صنفاً ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر صفاً، ويحتمل أن يكونوا تسعة عشر ملكاً بأعيانهم، وعلى هذا أكثر المفسّرين. ولا يستنكر هذا فإن ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلق كان أحرى أن يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلق.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ولا خلاف بين العلماء أنهم خزنة جهنم المحيطون بأمرها الذين إليهم جماع أمر زبانيتها.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويقوم عليها حراس عدتهم: (تسعة عشر).. لا ندري أهم أفراد من الملائكة الغلاظ الشداد، أم صفوف أم أنواع من الملائكة وصنوف. إنما هو خبر من الله سندري شأنه فيما يجيء..
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.