غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{عَلَيۡهَا تِسۡعَةَ عَشَرَ} (30)

1

ثم بين أن عدد الخزنة الموكلين عليها { تسعة عشر } فترك المميز فقيل صنفاً . والأكثرون شخصاً مالك وثمانية عشر أعينهم كالبرق وأنيابهم كالصياصي يجرون أشعارهم يخرج اللهب والنار من أفواههم ، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة يسع كف أحدهم مثل ربيعة ومضر ، نزعت الرأفة والرحمة منهم يأخذ أحدهم سبعين ألفاً في كفه ويرميهم حيث أراد من جهنم . وذكر العلماء في تخصيص هذا العدد وجوها فقال المتشرعون : هذا مما لا يصل إليه عقول البشر كأعداد السموات والأرضين والكواكب وأيام السنة والشهور . وكأعداد الزكاة والكفارات والصلوات . وقيل : إن العدد على وجهين : قليل وهو من الواحد إلى التسعة ، وكثير وهو من العشرة إلى ما لا نهاية ، فجمع بين نهاية القليل وبداية الكثير . وقيل : إن ساعات اليوم بليلته أربع وعشرون ، خمس منها تركت لأجل الصلوات الخمس والباقية لكل منها يعذب من يضيعها في غير حق الله . وقيل : إن أبواب جهنم سبعة ، وله للفساق زبانية زبانية واحدة بسبب ترك العمل ، ولكل من الأبواب الباقية ثلاثة أملاك لأن الكفار يعذبون لأجل أمور ثلاثة : ترك الاعتقاد وترك الإقرار وترك العمل . قال الحكيم : إن فساد النفس الإنسانية في قوتها النظرية والعملية هو بسبب استعماله القوى الحيوانية والطبيعية لا على وجهها . والقوى الحيوانية الشهوة والغضب . والحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة . والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة ، فلما كان منشأ الإفادة هذه القوى التسع عشر لا جرم كان عدد الزبانية كذلك .

يروى أنه لما نزلت الآية قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم ؟ فقال المسلمون : ويحكم أتقاس الملائكة بالحدادين أي السجانين ؟ وجرى هذا مثلاً في كل شيئين لا يسوىّ بينهما وأنزل الله تعالى : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر } .

/خ56