فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{عَلَيۡهَا تِسۡعَةَ عَشَرَ} (30)

{ عليها تسعة عشر } قال المفسرون يقول سبحانه على النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها ، وقيل تسعة عشر صنفا من أصناف الملائكة ، وقيل تسعة عشر صفا من صفوفهم وقيل تسعة عشر نقيبا مع كل نقيب جماعة من الملائكة والأول أولى ، قال الثعلبي ولا ينكر هذا فإذا كان ملك واحد يقبض أرواح الخلائق كان أحرى أن يكونوا تسعة عشر على عذاب بعض الخلق ، قرأ الجمهور عشر بفتح الشين وقرئ بإسكانها .

عن البراء " أن رهطا من اليهود سألوا بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال : الله ورسوله أعلم فجاء جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ { عليه تسعة عشر } رواه البيهقي في البعث وابن حاتم وابن مردويه " .

وقال الكوخي وخص هذا العدد بالذكر لكونه موافقا لعدد أسباب فساد النفس الإنسانية وهي القوى الإنسانية والطبيعية إذ القوى الإنسانية اثنتا عشرة الخمسة الظاهرة والخمسة الباطنة والشهوة والغضب ، والقوى الطبيعية سبعة الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة والمجموع تسعة عشر انتهى .

قلت : وهذا ليس بتفسير للآية ، بل الحكمة المودعة في هذا العدد مفوضة إلى علم الله تعالى ، قال الرازي وتخصيص هذا العدد لحكمة اختص الله بها .

ولما نزل هذا قال أبو جهل أما لمحمد من الأعوان إلا تسعة عشر ، يخوفكم محمد بتسعة عشر وأنتم الدهم ، أفيعجز كل مائة رجل منكم أن يبطشوا بواحد منهم ثم يخرجوا من النار ، فقال أبو الأشد : وهو رجل من بني جمح يا معشر قريش إذا كان يوم القيامة فأنا أمشي بين أيديكم فأدفع عشرة بمنكبي الأيمن وتسعة بمنكبي الأيسر ، ونمضي ندخل الجنة فأنزل الله سبحانه :

{ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر }