تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚ قَالَ إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ} (38)

فامتثل أمر ربه ، وجعل يصنع الفلك { وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ } ورأوا ما يصنع { سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا } الآن { فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ } نحن أم أنتم . وقد علموا ذلك ، حين حل بهم العقاب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚ قَالَ إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ} (38)

25

والمشهد الثالث من مشاهد القصة : مشهد نوح يصنع الفلك ، وقد اعتزل القوم وترك دعوتهم وجدالهم :

( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه : قال : إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون . فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ) . .

والتعبير بالمضارع . فعل الحاضر . . هو الذي يعطي المشهد حيويته وجدته . فنحن نراه ماثلا لخيالنا من وراء هذا التعبير . يصنع الفلك . ونرى الجماعات من قومه المتكبرين يمرون به فيسخرون . يسخرون من الرجل الذي كان يقول لهم : إنه رسول ويدعوهم ، ويجادلهم فيطيل جدالهم ؛ ثم إذا هو ينقلب نجارا يصنع مركبا . . إنهم يسخرون لأنهم لا يرون إلا ظاهر الأمر ، ولا يعلمون ما وراءه من وحي وأمر . شأنهم دائما في إدراك الظواهر والعجز عن إدراك ما وراءها من حكمة وتقدير . فأما نوح فهو واثق عارف وهو يخبرهم في اعتزاز وثقة وطمأنينة واستعلاء أنه يبادلهم سخرية بسخرية :

( قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ) . .

نسخر منكم لأنكم لا تدركون ما وراء هذا العمل من تدبير الله وما ينتظركم من مصير :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚ قَالَ إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ} (38)

وقوله : { وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ } أي : يَطْنزون به ويكذبون بما يتوعدهم به من الغرق ، { قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وعيد شديد ، وتهديد أكيد ، { مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } أي : يهنه في الدنيا ، { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ } أي : دائم مستمر أبدا .