تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ} (113)

ثم قال تعالى :

{ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }

لما بين تعالي الفرقة الفاسقة من أهل الكتاب وبين أفعالهم وعقوباتهم ،

بين هاهنا الأمة المستقيمة ، وبين أفعالها وثوابها ، فأخبر أنهم لا يستوون عنده ، بل بينهم من الفرق ما لا يمكن وصفه ، فأما تلك الطائفة الفاسقة فقد مضى وصفهم ، وأما هؤلاء المؤمنون ، فقال تعالى منهم { أمة قائمة } أي : مستقيمة على دين الله ، قائمة بما ألزمها الله به من المأمورات ، ومن ذلك قيامها بالصلاة { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } وهذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب ربهم وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ} (113)

93

ثم يقول ! وإنصافا للقلة الخيرة من أهل الكتاب ، يعود السياق عليهم بالاستثناء ، فيقرر أن أهل الكتاب ليسوا كلهم سواء . ( ليسوا سواء . من أهل الكتاب أمة قائمة ، يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون . )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ} (113)

قال ابن أبي نَجِيح : زَعَم الحسن بن يَزيد{[5574]} العِجْليّ ، عن ابن مسعود في قوله تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } قال{[5575]} لا يستوي أهل الكتاب وأمَّة محمد صلى الله عليه وسلم .

وهكذا قال السُّدِّي ، ويؤيد هذا القول الحديثُ الذي رواه الإمامُ أحمدُ بن حنبل في مسنده .

حدثنا أبو النَّضْر وحسن بن موسى قالا حدثنا شَيْبان ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال : أخر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة : فقال : " أَمَا إِنَّه لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الأدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللهَ هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ " . قال : وأُنزلَت هذه الآيات : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ]{[5576]} } إلى قوله{[5577]} { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }{[5578]} .

والمشهور عن{[5579]} كثير من المفسرين - كما ذكره محمد بن إسحاق وغيره ، ورواه العَوْفِيّ عن ابن عباس - أن هذه الآيات نزلت فيمن آمَنَ من أحبار أهل الكتاب ، كعبد الله بن سَلام وأسَد بن عُبَيْد وثعلبة بن سَعْية وأسَيد بن سعْية وغيرهم ، أي : لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب [ وهؤلاء الذين أسلموا ، ولهذا قال تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً } أي : ليسوا{[5580]} كلُّهم على حَدّ سواء ، بل منهم المؤمن ومنهم المُجْرم ، ولهذا قال تعالى : { مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ] أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } أي : قائمة بأمر الله ، مطيعة لشَرْعه{[5581]} مُتَّبِعة نبيَّ الله ، [ فهي ]{[5582]} { قَائِمَةٌ } يعني مستقيمة { يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } أي : يقومون الليل ، ويكثرون التهجد ، ويتلون القرآن في صلواتهم{[5583]}


[5574]:في أ، و: "ابن أبي يزيد".
[5575]:في أ، و: "يقول".
[5576]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
[5577]:في جـ، ر، أ، و: "حتى بلغ".
[5578]:المسند (1/396).
[5579]:في أ، و: "عند".
[5580]:في أ: "ليس".
[5581]:في جـ، ر، أ، و: "لشرع الله".
[5582]:زيادة من جـ، أ، و.
[5583]:في أ: "صلاتهم".