{ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }
لما بين تعالي الفرقة الفاسقة من أهل الكتاب وبين أفعالهم وعقوباتهم ،
بين هاهنا الأمة المستقيمة ، وبين أفعالها وثوابها ، فأخبر أنهم لا يستوون عنده ، بل بينهم من الفرق ما لا يمكن وصفه ، فأما تلك الطائفة الفاسقة فقد مضى وصفهم ، وأما هؤلاء المؤمنون ، فقال تعالى منهم { أمة قائمة } أي : مستقيمة على دين الله ، قائمة بما ألزمها الله به من المأمورات ، ومن ذلك قيامها بالصلاة { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } وهذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب ربهم وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له .
قال ابن أبي نَجِيح : زَعَم الحسن بن يَزيد{[5574]} العِجْليّ ، عن ابن مسعود في قوله تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } قال{[5575]} لا يستوي أهل الكتاب وأمَّة محمد صلى الله عليه وسلم .
وهكذا قال السُّدِّي ، ويؤيد هذا القول الحديثُ الذي رواه الإمامُ أحمدُ بن حنبل في مسنده .
حدثنا أبو النَّضْر وحسن بن موسى قالا حدثنا شَيْبان ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال : أخر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة : فقال : " أَمَا إِنَّه لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الأدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللهَ هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ " . قال : وأُنزلَت هذه الآيات : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ]{[5576]} } إلى قوله{[5577]} { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }{[5578]} .
والمشهور عن{[5579]} كثير من المفسرين - كما ذكره محمد بن إسحاق وغيره ، ورواه العَوْفِيّ عن ابن عباس - أن هذه الآيات نزلت فيمن آمَنَ من أحبار أهل الكتاب ، كعبد الله بن سَلام وأسَد بن عُبَيْد وثعلبة بن سَعْية وأسَيد بن سعْية وغيرهم ، أي : لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب [ وهؤلاء الذين أسلموا ، ولهذا قال تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً } أي : ليسوا{[5580]} كلُّهم على حَدّ سواء ، بل منهم المؤمن ومنهم المُجْرم ، ولهذا قال تعالى : { مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ] أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } أي : قائمة بأمر الله ، مطيعة لشَرْعه{[5581]} مُتَّبِعة نبيَّ الله ، [ فهي ]{[5582]} { قَائِمَةٌ } يعني مستقيمة { يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } أي : يقومون الليل ، ويكثرون التهجد ، ويتلون القرآن في صلواتهم{[5583]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.