تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

{ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } أي عبادتهم فيها لله ، أولها تسبيح لله وتنزيه له عن النقائض ، وآخرها تحميد لله ، فالتكاليف سقطت عنهم في دار الجزاء ، وإنما بقي لهم أكمل اللذات ، الذي هو ألذ عليهم من المآكل اللذيذة ، ألا وهو ذكر الله الذي تطمئن به القلوب ، وتفرح به الأرواح ، وهو لهم بمنزلة النَّفَس ، من دون كلفة ومشقة .

{ و } أما { تَحِيَّتُهُمْ } فيما بينهم عند التلاقي والتزاور ، فهو السلام ، أي : كلام سالم من اللغو والإثم ، موصوف بأنه { سَلَامٌ } وقد قيل في تفسير قوله { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ } إلى آخر الآية ، أن أهل الجنة -إذا احتاجوا إلى الطعام والشراب ونحوهما- قالوا سبحانك اللهم ، فأحضر لهم في الحال .

فإذا فرغوا قالوا : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

فما همومهم في هذه الجنة وما هي شواغلهم ، وما هي دعواهم التي يحبون تحقيقها ? إن همومهم ليست مالاً ولا جاهاً ، وإن شواغلهم ليست دفع أذى ولا تحصيل مصلحة . لقد كفوا شر ذلك كله ، ولقد اكتفوا فما لهم من حاجة من تلك الحاجات ، ولقد استغنوا بما وهبهم الله ، ولقد ارتفعوا عن مثل هذه الشواغل والهموم . إن أقصى ما يشغلهم حتى ليوصف بأنه( دعواهم )هو تسبيح الله أولا وحمده أخيرا ، يتخلل هذا وذاك تحيات بينهم وبين أنفسهم وبينهم وبين ملائكة الرحمن :

( دعواهم فيها : سبحانك اللهم . وتحيتهم فيها سلام . وآخر دعواهم : أن الحمد لله رب العالمين ) . .

إنه الانطلاق من هموم الحياة الدنيا وشواغلها ؛ والارتفاع عن ضروراتها وحاجاتها ، والرفرفة في آفاق الرضى والتسبيح والحمد والسلام . تلك الآفاق اللائقة بكمال الإنسان .