تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن تَجۡهَرۡ بِٱلۡقَوۡلِ فَإِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى} (7)

{ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ } الكلام الخفي { وَأَخْفَى } من السر ، الذي في القلب ، ولم ينطق به . أو السر : ما خطر على القلب . { وأخفى } ما لم يخطر . يعلم تعالى أنه يخطر في وقته ، وعلى صفته ، المعنى : أن علمه تعالى محيط بجميع الأشياء ، دقيقها ، وجليلها ، خفيها ، وظاهرها ، فسواء جهرت بقولك أو أسررته ، فالكل سواء ، بالنسبة لعلمه تعالى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن تَجۡهَرۡ بِٱلۡقَوۡلِ فَإِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى} (7)

وعلم الله يحيط بما يحيط به ملكه :

{ وأن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى } . .

وينسق التعبير بين الظل الذي تلقيه الآية : { له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى } . والظل الذي تلقيه الآية بعدها : { وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى } ينسق بين الظاهر الجاهر في الكون ، والظاهر الجاهر من القول . وبين المستور المخبوء تحت الثرى والمستور المخبوء في الصدور : السر وأخفى . على طريقة التنسيق في التصوير . والسر خاف . وما هو أخفى من السر تصوير لدرجات الخفاء والاستتار . كما هو الحال تحت أطباق الثرى . .

والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم لطمأنة قلبه بأن ربه معه يسمعه ، ولا يتركه وحده يشقى بهذا القرآن ، ويواجه الكافرين بلا سند ، فإذا كان يدعوه جهراً فإنه يعلم السر وأخفى . والقلب حين يستشعر قرب الله منه ، وعلمه بسره ونجواه ، يطمئن ويرضى ؛ ويأنس بهذا القرب فلا يستوحش من العزلة بين المكذبين المناوئين ؛ ولا يشعر بالغربة بين المخالفين له في العقيدة والشعور .