إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِن تَجۡهَرۡ بِٱلۡقَوۡلِ فَإِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى} (7)

{ وَإِن تَجْهَرْ بالقول } بيانٌ لإحاطة علمِه تعالى بجميع الأشياء إثرَ بيانِ سعةِ سلطنتِه وشمولِ قدرتِه لجميع الكائنات ، أي وإن تجهَرْ بذكره تعالى ودعائِه فاعلم أنه تعالى غنيٌّ عن جهرك { فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى } أي ما أسرَرْته إلى غيرك وشيئاً أخفى من ذلك وهو ما أخطَرْته ببالك من غير أن تتفوّه به أصلاً ، أو ما أسرَرْتَه لنفسك وأخفى منه وهو ما ستُسِرُّه فيما سيأتي ، وتنكيرُه للمبالغة في الخفاء ، وهذا إما نهيٌ عن الجهر كقوله تعالى : { واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجهر مِنَ القول } وإما إرشاد للعباد إلى أن الجهرَ ليس لإسماعه سبحانه بل لغرض آخرَ من تصوير النفسِ بالذكر ، وتثبيتِه فيها ، ومنْعِها من الاشتغال بغيره ، وقطعِ الوسوسةِ عنها ، وهضمِها بالتضرّع والجُؤار .