تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

ثم كرر على بني إسرائيل التذكير بنعمته ، وعظا لهم ، وتحذيرا وحثا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِي الّتِيَ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }

قال أبو جعفر : وتأويل ذلك في هذه الآية نظير تأويله في التي قبلها في قوله : اذْكُرُوا نِعْمَتِي الّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأوْفُوا بعَهْدِي وقد ذكرته هنالك .

القول في تأويل قوله تعالى : وأنّي فَضّلْتُكُمْ على العَالمِينَ .

قال أبو جعفر : وهذا أيضا مما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم . ويعني بقوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ : أني فضلت أسلافكم ، فنسب نعمه على آبائهم وأسلافهم إلى أنها نعم منه عليهم ، إذ كانت مآثر الاَباء مآثر للأبناء ، والنعم عند الاَباء نعما عند الأبناء ، لكون الأبناء من الاَباء ، وأخرج جلّ ذكره قوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ على العَالَمِينَ مخرج العموم ، وهو يريد به خصوصا لأن المعنى : وإني فضلتكم على عالم من كنتم بين ظهريه وفي زمانه . كالذي :

حدثنا به محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ قال : فضلهم على عالم ذلك الزمان .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ قال : بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان في ذلك الزمان ، فإن لكل زمان عالما .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد في قوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ قال : على من هم بين ظهرانيه .

وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : على من هم بين ظهرانيه .

وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سألت ابن زيد عن قول الله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ قال : عالم أهل ذلك الزمان . وقرأ قول الله : وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلى العَالَمِينَ قال : هذه لمن أطاعه واتبع أمره ، وقد كان فيهم القردة وهم أبغض خلقه إليه ، وقال لهذه الأمة : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ للنّاسِ قال : هذه لمن أطاع الله واتبع أمره واجتنب محارمه .

قال أبو جعفر : والدليل على صحة ما قلنا من أن تأويل ذلك على الخصوص الذي وصفنا ما :

حدثني به يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر جميعا ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ألا إنّكُمْ وَفّيْتُمْ سَبْعِين أُمّةً » قال يعقوب في حديثه : «أنتم آخرها » . وقال الحسن : «أنتم خيرها وأكرمها على الله » . فقد أنبأ هذا الخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل لم يكونوا مفضلين على أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وأن معنى قوله : وَفَضّلْناهُمْ عَلَى العَالَمِينَ وقوله : وأنّي فَضّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ على ما بينا من تأويله . وقد أتينا على بيان تأويل قوله : العَالَمِينَ بما فيه الكفاية في غير هذا الموضع ، فأغنى ذلك عن إعادته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَنِّي فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (47)

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ( 47 )

قد تكرر هذا النداء والتذكير بالنعمة ، وفائدة ذلك أن الخطاب الأول يصح أن يكون المؤمنين ، ويصح أن يكون للكافرين منهم ، وهذا المتكرر إنما هو للكافرين ، بدلالة ما بعده ، وأيضاً فإن فيه تقوية التوقيف وتأكيد الحض على ذكر أيادي الله وحسن خطابهم بقوله : { فضلتكم على العالمين } لأن تفضيل آبائهم وأسلافهم تفضيل لهم ، وفي الكلام اتساع .

قال قتادة وابن زيد وابن جريج وغيرهم : المعنى على عالم زمانهم( {[569]} ) الذي كانت فيه النبوءة المتكررة والملك( {[570]} ) ، لأن الله تعالى يقول لأمة محمد صلى الله عليه وسلم : «كنتم خير أمة أخرجت للناس »( {[571]} ) .


[569]:- هذا هو الحق والانصاف فإن إبراهيم الخليل عليه السلام قبلهم وهو أفضل من أنبيائهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم بعدهم وهو أفضل من جميع الخلق وسيد ولد آدم دنيا وأخرى، وأمته أفضل الأمم كما صرح بذلك القرآن، فذلك التفضيل يختص بعالم زمانهم، ولكل زمان عالم فهو من العام الذي أريد به الخصوص.
[570]:- كما يدل على ذلك قوله تعالى: [وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا].
[571]:- من الآية 110 من سورة آل عمران.