تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

ولكن -مع هذا- قال تعالى محذرا لهم وقوع ما استعجلوه : { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ } أي : قرب منكم وأوشك أن يقع بكم { بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } من العذاب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَقُولُونَ مَتَىَ هََذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَىَ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويقول مشركو قومك يا محمد ، المكذّبوك فيما أتيتهم به من عند ربك . مَتى يكون هَذَا الوَعْدُ الذي تعدُناه من العذاب ، الذي هو بنا فيما تقول حالّ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فيما تعدوننا به قُلْ عَسَى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ يقول جلّ جلاله : قل لهم يا محمد : عسى أن يكون اقترب لكم ودنا بَعْضُ الّذِي تَسْتَعْجِلُونَ من عذاب الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { قُلْ عَسَى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ }يقول : اقترب لكم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قُلْ عَسَى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } يقول : اقترب لكم بعض الذي تستعجلون .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { عَسَى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ } قال : ردف : أعجل لكم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : { قُلْ عَسَى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } قال : أزِف .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : رَدِفَ لَكُمْ اقترب لكم .

واختلف أهل العربية في وجه دخول اللام في قوله : رَدفَ لَكُمْ وكلام العرب المعروف : ردفه أمرٌ ، وأردفه ، كما يقال : تبعه وأتبعه ، فقال بعض نحويي البصرة : أدخل اللام في ذلك فأضاف بها الفعل كما يقال : للرّؤْيا تَعْبُرُون ولِرَبّهِمْ يَرْهَبُونَ . وقال بعض نحويي الكوفة : أدخل اللام في ذلك للمعنى ، لأن معناه : دنا لهم ، كما قال الشاعر :

*** فَقُلْتُ لَها الحاجاتُ يَطْرَحْنَ بالفَتى ***

فأدخل الياء في يطرحن ، وإنما يقال طرحته ، لأن معنى الطرح : الرمى ، فأدخل الباء للمعنى ، إذ كان معنى ذلك يرمين بالفتى ، وهذا القول الثاني هو أولاهما عندي بالصواب ، وقد مضى البيان عن نظائره في غير موضع من الكتاب بما أغنى عن تكراره في هذا الموضع .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : تَسْتَعْجِلُونَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج { رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } قال : من العذاب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

{ قل عسى أن يكون ردف لكم } تبعكم ولحقكم ، واللام مزيدة للتأكيد أو الفعل مضمن معنى فعل يتعدى باللام مثل دنا . وقرئ بالفتح وهو لغة فيه . { بعض الذي تستعجلون } حلوله وهو عذاب يوم بدر ، وعسى ولعل وسوف في مواعيد الملوك كالجزم بها وإنما يطلقونها إظهارا لوقارهم وإشعارا بأن الرمز منهم كالتصريح من غيرهم وعليه جرى وعد الله تعالى ووعيده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

فأمر تعالى نبيه يتوعدهم بأنه عسى أن يأذن الله في أن يقرب منهم بعض ما استعجلوه من الساعة والعذاب .

و { ردف } معناه قرب وأزف قاله ابن عباس وغيره ، ولكنها عبارة عما يجيء بعد الشيء قريباً منه ولكونه بمعنى هذه الأفعال الواقعة تعدى بحرف وإلا فبابه أن يتجاوز بنفسه{[9069]} ، وقرأ الجمهور بكسر الدال ، وقرأ الأعرج «ردَف » بفتح الدال ،


[9069]:الأصل كما جاء في كتب اللغة أن يقال: ردفه إذا تبعه أو اقترب منه وجاء في أثره، ولكن لما ضمن معنى أزف أو اقترب عدي بالحرف فجاءت الآية: {ردف لكم}، وقيل : إن اللام متعلقة بالمصدر، والمعنى : الرادفة لكم، وقد عدي بـ (من) على سبيل التضمين أيضا، ذكر ذلك الزمخشري، وعليه قول الشاعر: فلما ردفنا من عمير وصحبه تولوا سراعا والمنية تعنق وقال الجوهري: وأردفه أمر لغة في ردف، قال خزيمة بن مالك بن نهد" إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا يعني: فاطمة بنت يدكر بن عنزة أحد القارظين.