تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

{ 3 } { وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ }

أي : وهو المألوه المعبود في السماوات وفي الأرض ، فأهل السماء والأرض ، متعبدون لربهم ، خاضعون لعظمته ، مستكينون لعزه وجلاله ، الملائكة المقربون ، والأنبياء والمرسلون ، والصديقون ، والشهداء والصالحون .

وهو تعالى يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ، فاحذروا معاصيه وارغبوا في الأعمال التي تقربكم منه ، وتدنيكم من رحمته ، واحذروا من كل عمل يبعدكم منه ومن رحمته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

وبعد أن أقام - سبحانه - الأدلة فى الآيتين السابقتين على أنه هو المستحق للعبادة والحمد ، وعلى أن يوم القيامة حق ، جاءت الآية الثالثة لتصفه - سبحانه بأنه هو صاحب السلطان المطلق فى هذا الكون فقال - تعالى - : { وهُوَ الله فِي السماوات وَفِي الأرض يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } .

أى : أنه - سبحانه - هو المعبود بحق فى السموات والأرض ، العليم بكل شىء فى هذا الوجود ، الخبير بكل ما يكسبه الإنسان من خير أو شر فيجازيه عليه بما يستحقه .

والضمير " هو " الذى صدرت به الآية يعود إلى الله - تعالى - الذى نعت ذاته فى الآيتين السابقتين بأنه هو صاحب الحمد المطلق ، وخالق السموات والأرض ، وجاعل الظلمات والنور ، ومنشىء الإنسان من طين ، وأنه لذلك يكون مختصاً بالعبادة والخضوع .

وقوله - تعالى - : { وَهُوَ الله } جملة من متبدأ وخبر ، معطوفة على ما قبلها ، سيقت لبيان شموال ألوهيته لجميع المخلوقات .

قال أبو السعود : وقوله { فِي السماوات وَفِي الأرض } متعلق بالمعنى الوصفى الذى ينبىء عنه الاسم الجليل إما باعتبار اصل اشتقاقه وكونه علما للمعبود بالحق ، كأنه قيل : وهو المعبود فيهما . وإما باعتبار أنه اسم اشتهر به الذات من صفات الكمال ، فلوحظ معه منها ما يقتضيه المقام من المالكية حسبما تقتضيه المشيئة المبنية على الحكم البالغة ، فعلق به الظرف من تلك الحيثية فصار كأنه قيل : هو المالك أو المتصرف المدبر فيهما ، كما فى قوله - تعالى - : { وَهُوَ الذي فِي السمآء إله وَفِي الأرض إله } وجملة { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } تقرير لمعنى الجملة الأولى لأن الذى استوى فى علمه السر والعلن هو الله وحده . ويجوز أن تكون كلاما مبتدأ بمعنى : هو يعلم سركم وجهركم ، أو خبراً ثانيا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

{ وهو الله } الضمير لله سبحانه وتعالى و{ الله } خبره . { في السماوات وفي الأرض } متعلق باسم { الله } والمعنى هو المستحق للعبادة فيهما لا غير ، كقوله سبحانه وتعالى : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } أو بقوله : { يعلم سركم وجهركم } والجملة خبر ثان ، أو هي الخبر و{ الله } بدل ، ويكفي لصحة الظرفية كون المعلوم فيهما كقولك رميت الصيد في الحرم إذا كنت خارجه والصيد فيه أو ظرف مستقر وقع خبرا ، بمعنى أنه سبحانه وتعالى لكمال علمه بما فيهما كأنه فيهما ، ويعلم سركم وجهركم بيان وتقرير له وليس متعلقا بالمصدر لأن صفته لا تتقدم عليه . { ويعلم ما تكسبون } من خير أو شر فيثيب عليه ويعاقب ، ولعله أريد بالسر والجهر ما يخفى وما يظهر من أحوال الأنفس وبالمكتسب أعمال الجوارح .