تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

الآية 3 وقوله تعالى : { وهو الله في السماوات والأرض } هذا ، والله أعلم ، صلة قوله : { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض } فإذا كان خالقهما ، لم يشركه أحد في خلقهما كان إله من في السماوات وإله من في الأرض لم يشركه أحد في ألوهيته ولا ربوبيته .

ويحتمل قوله : { وهو الله في السماوات وفي الأرض } أي إلى الله تدبير ما في السموات وما في الأرض ، وحفظه إليه لأنه هو المتفرد بخلق ذلك كله ، فإليه حفظ ذلك وتدبيره .

وقوله تعالى : { يعلم سركم وجهركم } اختلف فيه : قيل : { يعلم سركم } ما تضمرون في القلوب { وجهركم } ما تنطقون { ويعلم ما تكسبون } من الأفعال التي عملت الجوارح . أخبر أنه يعلم ذلك كله يحصيه{[6904]} ليحاسبهم على ذلك كقوله : { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } [ البقرة : 284 ] أخبر أنه يحاسبهم بما أبدوه وما أخفوه . فعلى ذلك الأول{[6905]} ؛ فيه إخبار أن ذلك كله يحصيه عليهم ، ويحاسبهم في ذلك ليكونوا على حذر من ذلك وخوف .

وقيل : { يعلم سركم } ما خلق فيهم من الأسرار من نحو السمع والبصر وغيرهما لأن البشر لا يعرفون ماهية هذه الأشياء وكيفيتها ، ولا يسرون ذلك كما يرون غيرها من الأشياء ، ولا يعرفون حقائقها . أخبر أنه يعلم ذلك ، وأنتم لا تعلمون .

وقوله تعالى : { وجهركم } أي الظواهر منكم { ويعلم ما تكسبون } من الأفعال والأقوال .


[6904]:- في الأصل وم: يحصيها.
[6905]:- في الأصل و م: الأولى.