لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

قوله عز وجل : { وهو الله في السماوات وفي الأرض } يعني وهو إله السماوات وإله الأرض . وقيل : معناه وهو المعبود في السماوات وفي الأرض . وقال محمد بن جرير الطبري : معناه وهو الله في السماوات { يعلم سركم وجهركم } في الأرض . وقال الزجاج : فيه تقديم وتأخير تقديره وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات وفي الأرض . وقيل : معناه وهو المنفرد بالتدبير في السماوات وفي الأرض لا شريك له فيهما . والمراد بالسر ، ما يخفيه الإنسان في ضميره فهو من أعمال القلوب وبالجهر وما يظهر الإنسان فهو من أعمال الجوارح والمعنى : أن الله لا يخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض { ويعلم ما تكسبون } يعني من خير أو شر ، بقي في الآية سؤال وهو أن الكسب إما أن يكون من أعمال القلوب وهو المسمى بالسر أو من أعمال الجوارح وهو المسمى بالجهر فالأفعال لا تخرج عن هذين النوعين يعني السر والجهر فقوله ويعلم ما تكسبون يقتضي عطف الشيء بالجهر فالأفعال لا تخرج عن هذين النوعين يعني السر والجهر فقوله ويعلم ما تكسبون يقتضي عطف الشيء على نفسه وذلك غير جائز فما معنى ذلك وأجيب عنه بأنه يجب حمل قوله ويعلم ما تكسبون على ما يستحقه الإنسان على فعله وكسبه من الثواب والعقاب والحاصل فيه أنه محمول على المكتسب فهو كما يقال : هذا المال كسب فلان أي مكتسبه ولا يجوز حمله على نفس الكسب وإلا لزم عطف الشيء على نفسه ذكره الإمام فخر الدين .