فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

{ وهو الله } أي هو المعبود بحق أو المالك أو المتصرف { في السموات وفي الأرض } كما تقول زيد الخليفة في الشرق والغرب أي حاكم أو متصرف فيهما كقوله : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } وهو المعروف بالإلهية فيهما أو هو الذي يقال له الله فيهما .

قال الزجاج : هو متعلق بما تضمنه اسم الله ، قال ابن عطية : هذا عندي أفضل الأقوال وأكثرها إحرازا لفصاحة اللفظ وجزالة المعنى ، وإيضاحه أنه أراد أن يدل على خلقه وآيات قدرته وإحاطته واستيلائه ونحو هذه الصفات ، فجمع هذه كلها في قوله وهو الله الذي له هذه كلها في السموات وفي الأرض ، كأنه قال وهو خالق والرازق والمحيي والمميت فيهما .

وقيل المعنى : وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض فلا تخفى عليه خافية ، وقال النحاس : وهذا من أحسن ما قيل فيه ، قال الشيخ وما ذكره الزجاج وأوضحه ابن عطية صحيح من حيث المعنى لكن صناعة النحو لا تساعده عليه ، وقال ابن جرير : هو الله في السموات ، ويعلم سركم وجهركم في الأرض . والأول أولى .

وتكون جملة { يعلم سركم وجهركم } مقررة لمعنى الجملة الأولى لأن كونه سبحانه إلها في السماء والأرض يستلزم علمه بأسرار عباده وجهرهم وعلمه بما يكسبونه من الخير والشر ، وجلب النفع ودفع الضرر ، وقال السمين : في هذه الآية أقوال كثيرة لخصت جميعها في اثني عشر وجها ثم بينها ، وذكر سليمان الجمل منها أربعة أوجه منها ما تقدم { ويعلم ما تكسبون } من خير أو شر ، وهذا محمول على المكتسب لا على نفس الكسب ، قاله الرازي .