السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} (3)

{ وهو الله } الضمير لله والله خبره وقرأ قالون وأبو عمرو والكسائيّ بسكون الهاء من وهو والباقون بالضم وقوله تعالى : { في السماوات وفي الأرض } متعلق بمعنى اسم الله كأنه قيل : هو مستحق العبادة فيهما ومنه قوله تعالى : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } ( الزخرف ، 84 ) أو هو المعروف بالإلهية أو المتوحد بالإلهية فيهما ، وقال الزجاج : فيه تقديم وتأخير تقديره : وهو الله { يعلم سركم } أي : ما تسرون { وجهركم } أي : ما تجهرون به بينكم في السماوات والأرض ، وقيل : معناه وهو إله السماوات والأرض كقوله تعالى : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } ( الزخرف ، 84 ) { ويعلم ما تكسبون } أي : ما تعملون من خير أو شرّ فيثيب عليه أو يعاقب .

فإن قيل : الأفعال إمّا أفعال القلوب وهي المسماة بالسر وإمّا أفعال الجوارح وهي المسماة بالجهر والأفعال لا تخرج عن السرّ والجهر فقوله تعالى : { ويعلم ما تكسبون } يقتضي عطف الشيء على نفسه وهو غير جائز أجيب : بأنّ المراد بالسر ما يخفى وبالجهر ما يظهر من أحوال الأنفس وبالمكتسب أعمال الجوارح فهو كما يقال : هذا المال كسب فلان أنه مكتسبه فلا يحمل على نفس الكسب وإلا لزم عطف الشيء على نفسه .