تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة عم وهي مكية

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ }

أي : عن أي شيء يتساءل المكذبون بآيات الله ؟

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النبأ

مقدمة وتمهيد

1- سورة " النبأ " هي أول سورة في الجزء الأخير من القرآن الكريم ، وتسمى –أيضا- بسورة " عم يتساءلون " وبسورة " عم " ، وبسورة " المعصرات " ، وبسورة " التساؤل " ، فهذه خمسة أسماء لهذه السورة ، سميت بها لورود هذه الألفاظ فيها .

2- وهي من السور المكية الخالصة ، وعدد آياتها أربعون آية في المصحف الكوفي والمكي ، وإحدى وأربعون في غيرهما . وكان نزولها بعد سورة " المعارج " ، وقبل سورة " النازعات " .

3- وهذه السورة من أهم مقاصدها : توبيخ المشركين على خوضهم في القرآن الكريم بدون علم ، وتهديدهم بسوء المصير إذا ما استمروا في طغيانهم ، وإقامة الأدلة المتنوعة على وحدانية الله –تعالى- وعلى مظاهر قدرته ، وبيان ما أعده –سبحانه- للكافرين من عذاب ، وما أعده للمتقين من ثواب ، وإنذار للناس بوجوب تقديم العمل الصالح من قبل أن يأتي يوم القيامة ، الذي لا ينفع فيه الندم على ما فات .

4- ويبلغ عدد سور هذا الجزء الأخير من القرآن الكريم سبعا وثلاثين سورة ، كلها مكية ، سوى سورتي " البينة والنصر " وكلها تمتاز بقصرها ، على تفاوت في هذا القصر ، ومعظمها مشتمل على إقامة الأدلة على وحدانية الله –تعالى- ، وعلى أن هذا القرآن من عند الله . وعلى صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه ، وعلى المقارنة بين حسن عاقبة الأخيار ، وسوء عاقبة الأشرار ، وعلى التذكير المتكرر بأهوال يوم القيامة ، وبأنه آت لا ريب فيه ، وعلى التحذير من الغفلة عن الاستعداد له ، وعلى الإفاضة في بيان نعم الله –تعالى- على الناس ، وعلى بيان ما حل بالمكذبين السابقين من دمار . .

كل ذلك بأسلوب بديع معجز ، تخشع له القلوب ، وتتأثر به النفوس ، وتقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم . .

لفظ " عم " مركب من كلمتين ، هما حرف الجر " عن " و " ما " التى هى اسم استفهام ، فأصل هذا اللفظ : " عن ما " فأدغمت النون فى الميم لأن الميم تشاركها فى الغنة وحذف الألف ليتميز الخبر عن الاستفهام . والجار والمجرور متعلق بفعل " يتساءلون " .

والتساؤل : تفاعل من السؤال ، بمعنى أن يسأل بعض الناس بعضا عن أمر معين ، على سبيل معرفة وجه الحق فيه ، أو على سبيل التهكم .

والنبأ : الخبر مطلقا ، ويرى بعضهم أنه الخبر ذو الفائدة العظيمة .

والمعنى : عن أى شئ يتساءل هؤلاء المشركون ؟ وعن أى أمر يسأل بعضهم بعضا ؟ إنهم يتساءلون عن النبأ العظيم ، والخبر الهام الذى جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذى نطق به القرآن الكريم ، من أن البعث حق ، ومن أن هذا القرآن الكريم من عند الله - تعالى - ومن أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يأمرهم به أو ينهاهم عنه .

وافتتح - سبحانه - الكلام بأسلوب الاستفهام ، لتشويق السامع إلى المستفهم عنه ، ولتهويل أمره ، وتعظيم شأنه .

والضمير فى قوله { يتساءلون } يعود إلى المشركون ، الذين كانوا يكثرون من التساؤل فيما بينهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، عما جاء به من عند ربه ، فقد أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن الحسن قال : لما بعث النبى صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون فيما بينهم - عن أمره وعما جاءهم به - فنزل قوله - تعالى - : { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ . عَنِ النبإ العظيم . . } .

وصح عود الضمير إليهم مع أنهم لم يسبق لهم ذكر ، لأنهم معرفون من السياق ، إذ هم - دون غيرهم - الذين كانوا يتساءلون فيما بينهم - على سبيل التهكم - عما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم .

وقوله - تعالى - : { عَنِ النبإ العظيم } تهويل لشأن هذا الأمر الذى يتساءلون فيما بينهم عنه ، ووصف - سبحانه - النبأ بالعظم ، زيادة فى هذا التهويل والتفخيم من شأنه ، لكى تتوجه إليه أذهانهم ، وتلتفت إليهم أفهامهم .

فكأنه - سبحانه - يقول : عن أى شئ يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضا ؟ أتريدون أن تعرفوا ذلك على سبيل الحقيقة ؟ ما بين منكر له إنكارا تاما ، كما حكى - سبحانه - عنهم فى قوله : { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } وما بين مترد فى شأنه ، كما حكى - سبحانه - عن بعضهم فى قوله : { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ الله حَقٌّ والساعة لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا الساعة إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } قال صاحب الكشاف قوله : { عم } أصله عما ، على أنه حرف جر ، دخل على ما الاستفهامية .

ومعنى هذا الاستفهام : تفخيم الشأن ، كأنه قال : عن أى شئ يتساءلون . ونحوه ما فى قولك : زيد ما زيد ؟ جعلته لانقطاع قرينه ، وعدم نظيره ، كأنه شئ خفى عليك جنسه . فأنت تسأل عن جنسه ، وتفحص عن جوهره ، كما تقول : ما الغول وما العنقاء . . ؟

و { يَتَسَآءَلُونَ } يسأل بعضهم بعضا . . والضمير لأهل مكة ، فقد كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث .

وقوله : { عَنِ النبإ العظيم } بيان للشأن المفخم .

فإن قلت : قد زعمت أن الضمير فى { يَتَسَآءَلُونَ } للكفار ، فما تصنع بقوله : { الذي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } ؟ قلت : كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث ، ومنهم من يشك .

وقيل : الضمير للمسلمين والكافرين جميعا ، وكانوا جميعا يسألون عنه ، أما المسلم فليزداد خشية واستعدادا ، وأما الكافر فليزداد استهزاء . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النبأ

وهي مكية .

يقول تعالى منكرًا على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكارًا لوقوعها : { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ } أي : عن أي شيء يتساءلون ؟ من أمر القيامة ، وهو النبأ العظيم ، يعني : الخبر الهائل المفظع الباهر .

قال قتادة ، وابن زيد : النبأ العظيم : البعث بعد الموت . وقال مجاهد : هو القرآن .