التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وآياتها أربعون ، وهي مبدوءة بالإنكار من الله على المشركين تكذيبهم بيوم القيامة . فضلا عن الوعيد الشديد من الله لهؤلاء المكذبين المعاندين وهو قوله : { كلا سيعلمون 4 ثم كلا سيعلمون } .

ويبين الله في السورة جملة من الحجج والبراهين المنتزعة من الطبيعة المشهودة ليدل بذلك على قدرته المطلقة على بعث الناس ليوم الحساب وفي السورة حديث مثير عن الساعة وما يكتنف هذه الحقيقة الكبرى من أحداث كونية مريعة مزلزلة كالنفخ في الصور وانفتاح السماء وتسيير الجبال لتكون سرابا ، وما يعقب ذلك من ألوان التنكيل الذي يصلاه المكذبون الخاسرون .

وفي يوم القيامة تشتد الأهوال وترتاع القلوب وتشخص الأبصار شخوصا . وحينئذ ينقلب الظالمون المكذبون إلى أنفسهم نادمين آيسين وقد غشيتهم الحسرة ودهمهم الذل والخزي والالتياع المطبق فيتمنون أن لو كانوا في عداد البهائم ، ليكونوا ترابا .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ عم يتساءلون 1 عن النبإ العظيم 2 الذي هم فيه مختلفون 3 كلا سيعلمون 4 ثم كلا سيعلمون 5 ألم نجعل الأرض مهادا 6 والجبال أوتادا 7 وخلقناكم أزواجا 8 وجعلنا نومكم سباتا 9 وجعلنا الليل لباسا 10 وجعلنا النهار معاشا 11 وبنينا فوقكم سبعا شدادا 12 وجعلنا سراجا وهّاجا 13 وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا 14 لنخرج به حبا ونباتا 15 وجنات ألفافا } .

يخبر الله عن المشركين المكذبين بالنبأ العظيم وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه .

فهم مختلفون فيما بينهم وقد تولوا في لجاجة وخصام ، يسأل بعضهم بعضا عن هذا النبأ فيصدق واحد ويكذّب آخر . وهو قوله : { عم يتساءلون } وعم ، لفظ استفهام ، أصله ( عن ما ) وقد سقط ألف ما ليتميز الخبر عن الإستفهام {[4728]}و المعنى : عن أي شيء يتساءل هؤلاء المشركون المكذبون ، أو فيم يختصمون فيسأل بعضهم بعضا . وقيل : لما نزل القرآن كانت قريش تجلس فتتحدث فيما بينها ، فمنهم المصدق ومنهم المكذب . وهو قول ابن عباس .


[4728]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 489.