فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة عمّ

كذا في الخازن والخطيب . وتسمى سورة النبأ . وهي أربعون آية وقيل إحدى وأربعون آية وهي مكية عند الجميع .

وقال ابن عباس نزلت بمكة . وعن ابن الزبير ومثله .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ عَمَّ يَتَسَاءلُونَ } أصله عن ما ، فأدغمت النون في الميم لأن الميم تشاركها في الغنة ، كذا قال الزجاج ، وحذفت الألف ليتميز الخبر عن الاستفهام ، وكذلك فيم وبم ، ونحو ذلك ، والمعنى عن أي شيء يسأل بعضهم بعضا .

قرأ الجمهور : عم بحذف الألف لما ذكرنا ، وقرئ بإثباتها ، ولكنه قليل لا يجوز إلا للضرورة ، وقرئ بهاء السكت عوضا عن الألف ، قال الزجاج ، اللفظ لفظ الاستفهام والمعنى تفخيم القصة ، كما تقول أي شيء تريد ، إذا عظمت شأنه .

قال الشهاب : وهذا الاستفهام لا يمكن حمله على حقيقته لأن المطلوب به لا بد أن يكون مجهولا عند الطالب ، فلذا جعل مجازا عن الفخامة ، لأنه ورد على طريق مخاطبات العرب فالاستفهام بالنسبة إلى الناس .

وقال في النهر : هذا الاستفهام فيه تفخيم وتهويل وتقرير وتعجيب .

قال الواحدي قال المفسرون : " لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وأخبرهم بتوحيد الله والبعث بعد الموت وتلا عليهم القرآن ، جعلوا يتساءلون بينهم ، يقولون ماذا جاء به محمد ، وما الذي أتى به ؟ فأنزل لله عم يتساءلون " {[1676]} قال الفراء التساؤل هو أن يسأل بعضهم بعضا كالتقابل ، وقد يستعمل أيضا في أن يتحدثوا به وإن لم يكن بينهم سؤال . قال تعالى : { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } وهذا يدل على أنه التحدث . ومناسبتها لما قبلها ظاهرة لما ذكر في قوله : { فبأي حديث بعده } أي بعد هذا الحديث وهو القرآن وكانوا يتجادلون فيه ويتساءلون عنه فقال : { عمّ يتساءلون } .


[1676]:روى ابن جرير الطبري سبب النزول هذا عن الحسن 30/ 1 وأورده السيوطي في "الدر" 6/ 305 وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن الحسن.