تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

ولكن -مع هذا- قال تعالى محذرا لهم وقوع ما استعجلوه : { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ } أي : قرب منكم وأوشك أن يقع بكم { بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } من العذاب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

ولذا جاء الرد عليهم ، يحمل فى طياته العذاب الشديد ، والتهكم المرير ، فيقول - تعالى - آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم بالرد عليهم{ قُلْ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الذي تَسْتَعْجِلُونَ } .

والرديف - كما يقول صاحب المصباح - الذى تحمله خلفك على ظهر الدابة . . . ومنه ردف المرأة ، وهو عَجُزُها ، والجمع أرادف . . . وترادف القوم : إذا تتابعوا ، وكل شىء تبع شيئا فهو ردفه .

أى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - لا تتعجلوا العذاب فعسى ما تستعجلونه من عذاب ، بعضه قد لحقكم ونزل بكم ، وبعضه فى طريقه إليكم ، وأنتم لا تشعرون بذلك ، لشدة غفلتكم ، وتبلد مشاعركم .

والتعبير بقوله : { رَدِفَ لَكُم } يشعر بأن العذاب ليس بعيدا عنهم ، وإنما هو قريب منهم ، كقرب الراكب فوق الدابة ممن هو ردفه - أى خلفه - عليها .

ولقد لحقهم شىء من هذا العذاب الذى تعجلوه فى مكة ، عندما أصيبوا بالقحط والجدب ، ولحقهم شىء منه بعد ذلك فى بدر ، عندما قتل المسلمون أكثر زعمائهم ، كأبى جهل ، وغيره . . . ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

59

وهنا يجيء الرد يلقي ظلال الهول المتربص ، وظلال التهكم المنذر في كلمات قصار :

( قل : عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) . .

بذلك يثير في قلوبهم الخوف والقلق من شبح العذاب . فقد يكون وراءهم - رديفا لهم كما يكون الرديف وراء الراكب فوق الدابة - وهم لا يشعرون . وهم في غفلتهم يستعجلون به وهو خلف رديف ! فيالها من مفاجأة ترتعش لها الأوصال . وهم يستهزئون ويستهترون !

ومن يدري . إن الغيب لمحجوب . وإن الستار لمسبل . فما يدري أحد ما وراءه . وقد يكون على قيد خطوات ما يذهل وما يهول ! إنما العاقل من يحذر ، ومن يتهيأ ويستعد في كل لحظة لما وراء الستر المسدول !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

قال الله مجيبًا لهم : { قُلْ } يا محمد { عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } .

[ قال ابن عباس أن يكون قرب - أو : أن يقرب - لكم بعض الذي تستعجلون ]{[22146]} . وهكذا{[22147]} قال مجاهد ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، وقتادة ، والسدي .

وهذا هو المراد بقوله تعالى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } [ الإسراء : 51 ] ، وقال تعالى { يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } [ العنكبوت : 54 ] .

وإنما دخلت " اللام " في قوله : { رَدِفَ لَكُمْ } ؛ لأنه ضُمن معنى " عَجِل لكم " كما قال مجاهد في رواية عنه : { عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ } : عجل لكم .


[22146]:- زيادة من ف ، أ.
[22147]:- في ف : "وعنده".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

فأمر تعالى نبيه يتوعدهم بأنه عسى أن يأذن الله في أن يقرب منهم بعض ما استعجلوه من الساعة والعذاب .

و { ردف } معناه قرب وأزف قاله ابن عباس وغيره ، ولكنها عبارة عما يجيء بعد الشيء قريباً منه ولكونه بمعنى هذه الأفعال الواقعة تعدى بحرف وإلا فبابه أن يتجاوز بنفسه{[9069]} ، وقرأ الجمهور بكسر الدال ، وقرأ الأعرج «ردَف » بفتح الدال ،


[9069]:الأصل كما جاء في كتب اللغة أن يقال: ردفه إذا تبعه أو اقترب منه وجاء في أثره، ولكن لما ضمن معنى أزف أو اقترب عدي بالحرف فجاءت الآية: {ردف لكم}، وقيل : إن اللام متعلقة بالمصدر، والمعنى : الرادفة لكم، وقد عدي بـ (من) على سبيل التضمين أيضا، ذكر ذلك الزمخشري، وعليه قول الشاعر: فلما ردفنا من عمير وصحبه تولوا سراعا والمنية تعنق وقال الجوهري: وأردفه أمر لغة في ردف، قال خزيمة بن مالك بن نهد" إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا يعني: فاطمة بنت يدكر بن عنزة أحد القارظين.