تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

ثم لما أراد الله تعالى خلقه ، خلق [ أباه ] آدم من طين ، ثم جعل نسله متسلسلا { مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } أي : ماء مهين مستقذر { نَبْتَلِيهِ } بذلك لنعلم هل يرى حاله الأولى ويتفطن لها أم ينساها وتغره نفسه ؟

فأنشأه الله ، وخلق له القوى الباطنة والظاهرة ، كالسمع والبصر ، وسائر الأعضاء ، فأتمها له وجعلها سالمة يتمكن بها من تحصيل مقاصده .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

{ إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ } والمراد بالإِنسان هنا - أيضا - جنسه وجميع أفراده .

و " أمشاج " بمعنى أخلاط من عناصر شتى ، مشتق من المشج بمعنى الخلط ، يقال : مشجي فلان بين كذا وكذا - من باب ضرب - إذا خلط ومزج بينهما ، وهو جمع مشَج - كسب ، أو مَشِج - ككتف ، أو مشيج - كنصير .

قال الجمل : " أمشاج " نعت لنطفة . ووقع الجمع صفة لمفرد ، لأنه فى معنى الجمع ، أو جعل كل جزء من النطفة نطفة ، فاعتبر ذلك فوصف بالجمع . .

ويرى صاحب الكشاف أن لفظ " أمشاج " مفرد جاء على صيغة أفعال ، كلفظ أعشار فى قولهم : برمة أعشار ، أى : برمة متكسرة قطعا قطعا ، وعليه يكون المفرد قد نعت بلفظ مفرد مثله .

فقال قال - رحمه الله - : { مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } كبرمة أعشار . . وهى ألفاظ مفردة غير جموع .

والذلك وقعت صفات للأفراد ، والمعنى : من نطفة قد امتزج فيها الماءان . .

وجملة " نبتليه " حال من الإِنسان ، أنو من فاعل " خلقنا " .

أى : إنا خلقنا الإِنسان بقدرتنا وحدها . " من نطفة " أى : من مَنِىٍّ ، وهو ماء الرجل وماء المرأة ، " أمشاج " أى : ممتزج أحدهما بالآخر امتزاجا تاما .

أو خلقنا من نطفة مختلطة بعناصر متعددة ، تتكون منها حياة الإِنسان بقدرتنا وحمكتنا .

وهلقناه كلذلك حالة كوننا مريدين ابتلاءه واختباره بالتكاليف ، فى مستقبل حياته حين يكون أهلا لهذه التكاليف .

{ فَجَعَلْنَاهُ } بسبب إرادتنا ابتلاءه واختباره بالتكاليف مزودات بوسائل الإِدراك ، التى بواسطتها بسمع الحق ويبصره ويستجيب له ويدرك الحقائق والآيات الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا وصدق رسلنا . . إدراكا سليما ، متى اتبع فطرته ، وخالف وساوس الشيطان وخطواته .

وخص - سبحانه - السمع والبصر بالذكر ، لأنهما أنفع الحواس للإِنسان ، إن عن طريق السمع يتلقى دعوة الحق وما اشتملت عليه من هدايات ، وعن طريق البصر ينظر فى الأدلة المتنوعة الكثيرة التى تدل على وحدانية الله - تعالى - وعلى صدق أنبيائه فيما جاءوا به من عند ربهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

فأما امتداد هذا الإنسان بعد ذلك وبقاؤه فكانت له قصة أخرى :

( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) . .

والأمشاج : الأخلاط . وربما كانت هذه إشارة إلى تكون النطفة من خلية الذكر وبويضة الأنثى بعد التلقيح . وربما كانت هذه الأخلاط تعني الوراثات الكامنة في النطفة ، والتي يمثلها ما يسمونه علميا " الجينات " وهي وحدات الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولا ولصفات الجنين العائلية أخيرا . وإليها يعزى سير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكوين جنين إنسان ، لا جنين أي حيوان آخر . كما تعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في الأسرة . . ولعلها هي هذه الأمشاج المختلطة من وراثات شتى . .

خلقته يد القدرة هكذا من نطفة أمشاج ، لا عبثا ولا جزافا ولا تسلية ، ولكنه خلق ليبتلي ويمتحن ويختبر . والله سبحانه يعلم ما هو ? وما اختباره ? وما ثمرة اختباره ? ولكن المراد أن يظهر ذلك على مسرح الوجود ، وأن تترتب عليه آثاره المقدرة في كيان الوجود ، وأن تتبعه آثاره المقدرة . ويجزى وفق ما يظهر من نتائج ابتلائه .

ومن ثم جعله سميعا بصيرا . أي زوده بوسائل الإدراك ، ليستطيع التلقي والاستجابة . وليدرك الأشياء والقيم ويحكم عليها ويختار . ويجتاز الابتلاء وفق ما يختار . .

وإذن فإن إرادة الله في امتداد هذا الجنس وتكرر أفراده بالوسيلة التي قدرها ، وهي خلقته من نطفة أمشاج . . كانت وراءها حكمة . وكان وراءها قصد . ولم تكن فلتة . . كان وراءها ابتلاء هذا الكائن واختباره . ومن ثم وهب الاستعداد للتلقي والاستجابة ، والمعرفة والاختبار . . وكان كل شيء في خلقه وتزويده بالمدارك وابتلائه في الحياة . . بمقدار !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

ثم بين ذلك فقال : { إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ }أي : أخلاط . والمشج والمشيج : الشيء الخَليط{[29583]} ، بعضه في بعض .

قال ابن عباس في قوله : { مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } يعني : ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور ، وحال إلى حال ، ولون إلى لون . وهكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والحسن ، والربيع بن أنس : الأمشاج : هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة .

وقوله : { نَبْتَلِيهِ } أي : نختبره ، كقوله : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا } [ الملك : 2 ] . { فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا } أي : جعلنا له سمعا وبصرًا يتمكن بهما من الطاعة والمعصية .


[29583]:- (5) في م: "المختلط".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

وقوله : إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيه يقول تعالى ذكره : إنا خلقنا ذرّية آدم من نطفة ، يعني : من ماء الرجل وماء المرأة ، والنطفة : كلّ ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة ، أو غير ذلك ، كما قال عبد الله بن رواحة :

*** هَلْ أنْتِ إلاّ نُطْفَةٌ في شَنّهْ ***

وقوله : أمْشاجٍ يعني : أخلاط ، واحدها : مشج ومشيج ، مثل خدن وخدين ومنه قول رؤبة بن العجاج :

يَطْرَحْنَ كُلّ مُعْجَلٍ نَشّاج *** لَمْ يُكْسَ جِلْدا في دَمٍ أمْشاجِ

يقال منه : مشجت هذا بهذا : إذا خلطته به ، وهو ممشوج به ومشيج : أي مخلوط به ، كمال قال أبو ذؤيب :

كأنّ الرّيشَ والفُوقَيْن مِنْه *** خِلالَ النّصْل سِيطَ بِهِ مَشِيجُ

واختلف أهل التأويل في معنى الأمشاج الذي عنى بها في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب وأبو هشام الرفاعي قالا : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن الأصبهاني ، عن عكرِمة أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ قال : ماء الرجل وماء المرأة يمشج أحدهما بالاَخر .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن ابن الأصبهاني ، عن عكرِمة قال : ماء الرجل وماء المرأة يختلطان .

قال : ثنا أبو أُسامة ، قال : حدثنا زكريا ، عن عطية ، عن ابن عباس ، قال : ماء المرأة وماء الرجل يمشجان .

قال : ثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن السديّ ، عمن حدّثه ، عن ابن عباس ، قال : ماء المرأة وماء الرجل يختلطان .

قال : ثنا عبد الله ، قال : أخبرنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، قال : إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج .

قال : ثنا أبو أُسامة ، قال : حدثنا المبارك ، عن الحسن ، قال : مُشج ماء المرأة مع ماء الرجل .

قال : ثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا عثمان بن الأسود ، عن مجاهد ، قال : خلق الله الولد من ماء الرجل وماء المرأة ، وقد قال الله : يا أيّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنْثَى .

قال : ثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، قال : خلق من تارات ماء الرجل وماء المرأة .

وقال آخرون : إنما عُني بذلك : إنا خلقنا الإنسان من نطفة ألوان ينتقل إليها ، يكون نطفة ، ثم يصير علقة ، ثم مضغة ، ثم عظما ، ثم كسي لحما . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ الأمشاج : خلق من ألوان ، خلق من تراب ، ثم من ماء الفرج والرحم ، وهي النطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظما ، ثم أنشأه خلقا آخر فهو ذلك .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرِمة ، في هذه الاَية أمْشاجٍ قال : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظما .

حدثنا الرفاعي ، قال : حدثنا وهب بن جرير ويعقوب الحضْرَميّ ، عن شعبة ، عن سماك ، عن عكرِمة ، قال : نطفة ، ثم علقمة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ أطوار الخلق ، طورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا مضغة ، وطورا عظاما ، ثم كسى الله العظام لحما ، ثم أنشأه خلقا آخر ، أنبت له الشعر .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله أمْشاجٍ نَبْتَليهِ قال : الأمشاج : اختلط الماء والدم ، ثم كان علقة ، ثم كان مضغة .

وقال آخرون : عُني بذلك اختلاف ألوان النطفة . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ يقول : مختلفة الألوان .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ألوان النطفة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : أيّ الماءين سبق أشبه عليه أعمامه وأخواله .

قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ قال : ألوان النطفة نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة حمراء وخضراء .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : بل هي العروق التي تكون في النطفة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب وأبو هشام ، قالا : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا المسعودي ، عن عبد الله بن المخارق عن أبيه ، عن عبد الله ، قال : أمشاجها : عروقها .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، قال : حدثنا أُسامة بن زيد ، عن أبيه ، قال : هي العروق التي تكون في النطفة .

وأشبه هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معنى ذلك مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نطفة الرجل ونطفة المرأة ، لأن الله وصف النطفة بأنها أمشاج ، وهي إذا انتقلت فصارت علقة ، فقد استحالت عن معنى النطفة فكيف تكون نطفة أمشاجا وهي علقة ؟ وأما الذين قالوا : إن نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، فإن المعروف من نطفة الرجل أنها سحراء على لون واحد ، وهي بيضاء تضرب إلى الحمرة ، وإذا كانت لونا واحدا لم تكن ألوانا مختلفة ، وأحسب أن الذين قالوا : هي العروق التي في النطفة قصدوا هذا المعنى . وقد :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال : إنما خلق الإنسان من الشيء القليل من النطفة . ألا ترى أن الولد إذا أسكت ترى له مثل الرّيْر ؟ وإنما خُلق ابن آدم من مثل ذلك من النطفة أمشاج نبتليه .

وقوله : نَبْتَلِيهِ نختبره . وكان بعض أهل العربية يقول : المعنى : جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه ، فهي مقدّمة معناها التأخير ، إنما المعنى خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه ، ولا وجه عندي لما قال يصحّ ، وذلك أن الابتلاء إنما هو بصحة الاَلات وسلامة العقل من الاَفات ، وإنْ عُدِمَ السمع والبصر . وأما إخباره إيانا أنه جعل لنا أسماعا وأبصارا في هذه الاَية ، فتذكير منه لنا بنعمه ، وتنبيه على موضع الشكر فأما الابتلاء فبالخلق مع صحة الفطرة ، وسلامة العقل من الاَفة ، كما قال : ومَا خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلاّ لِيَعبُدون .

وقوله : فَجَعَلْناهُ سمِيعا بَصِيرا يقول تعالى ذكره : فجعلناه ذا سمع يسمع به ، وذا بصر يبصر به ، إنعاما من الله على عباده بذلك ، ورأفة منه لهم ، وحجة له عليهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

وقوله تعالى : { إنا خلقنا الإنسان } هو هنا اسم الجنس بلا خلاف ، لأن آدم لم يخلق { من نطفة } ، و { أمشاج } معناه أخلاط وأحدها مَشَج بفتح الميم والشين قاله ابن السكيت وغيره ، وقيل : مشج مثل عدل وأعدال ، وقيل : مشيج مثل شريف وأشراف ، واختلف في المقصود من الخلط ، فقيل هو { أمشاج } ماء الرجل بماء المرأة ، وأسند الطبري حديثاً وهو أيضاً في بعض المصنفات «إن عظام ابن آدم وعصبة من ماء الرجل ، ولحمه وشحمه من ماء المرأة » وقيل هو اختلاط أمر الجنين بالنقلة من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى غير ذلك . فهو أمر مختلط ، وقيل هو اختلاط الدم والبلغم والصفراء والسوداء فيه ، و { نبتليه } معناه نختبره بالإيجاد والكون في الدنيا هو حال من الضمير في { خلقنا } كأنه قال : مختبرين له بذلك ، وقوله تعالى : { فجعلناه } عطف جملة تعم على جملة تعم ، وقال بعض النحويين إنما المعنى فنبتليه جعلناه { سميعاً بصيراً } ، ثم ترتب اللفظ موجزاً متداخلاً كأنه قال { نبتليه } فلذلك جعلناه ، والابتلاء على هذا أنما هو بالإسماع والإبصار لا بالإيجاب وليس { نبتليه } حالاً .