غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

1

قال ابن الأعرابي وطائفة من أهل اللغة : الأمشاج جمع مشيج وأمشاج فوصف المفرد بها جميعاً نحو برمة أعشار للقدر المتكسرة قطعاً ، وثوب أكياش للذي فتل غزله مرتين . يقال عليك بالثوب الأكياش فإنه من لباس الأكياس . والمعنى من نطفة قد امتزج فيها الماآن ماء الرجل . وهو أبيض غليظ - وماء المرأة - وهو أصفر رقيق - والأول يخرج من الصلب ، والثاني يخرج من الترائب ، فما كان من عصب وعظم فمن نطفة الرجل ، وما كان من لحم ودم فمن ماء المرأة . عن ابن مسعود : هي عروق النطفة . وقال الحسن : أي مزجت بدم الحيض الذي فيه غذاء الجنين ، وعن قتادة : هي أطوارها نطفة ثم علقة ثم مضغة وذهب إلى أنها العناصر وبالجملة فإنها عبارة عن انتقال النطفة من حال إلى حال ولهذا فسر الابتلاء بعضهم بهذا الانتقال ومنه قول ابن عباس { نبتليه } أي نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة . والأظهر أن حاصل المعنى خلقناه من أمشاج لا للعبث بل للابتلاء والامتحان . ثم ذكر أنه أعطاه ما يصح معه الابتلاء وهو السمع والبصر اللذان هما أشرف الحواس ولهذا خصا بالذكر . وفيه إشارة إلى أن الحواس السليمة أسباب كلية لتحصيل الكمالات النفسية فمن فقد حساً فقد علماً . وقيل : في الآية تقديم وتأخير ، ونبتليه معناه لنبتليه كقولك لرجل : جئتك أقضي حقك أي لأقضي حقك . والمعنى جعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه .

/خ31