فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا} (2)

{ إن خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ( 2 ) }

{ نطفة } ماء قليل ؛ والعرب تسمى كل ماء قليل في وعاء : نطفة .

{ أمشاج } أخلاط .

{ نبتليه } نختبره ، ونعامله معاملة المختبر .

استيقنوا يا بني الإنسان بأن نسلكم من ماء قليل مختلط من ماء الرجل وماء المرأة{[8526]} ؛ وقيل : يختلط بالعلقة والمضغة دم الحيض فيكون منه بناء وغذاء ؛ ثم بعد أن يتم حمله ويولد ، ويشب ويبلغ ، نكلفه لنختبر طاعته ، ونمتحن صدقه في العبودية على حاليه في العسر واليسر ، ولهذا خلقنا سبحانه : { . . . ونبلوكم بالشر والخير فتنة } يختبر شكرنا في السراء ، وصبرنا في الضراء ؛ وأعطيناه ما يسمع به الحق ، ويبصره به الهدى ؛ فكأن المعنى : خلقناه فجعلنا سميعا بصيرا لنبتليه بالدين ليكون مأمورا بالطاعة ، منهيا عن المعصية ، حاملا الأمانة .


[8526]:- علم الوراثة يقرر أن الجنين يحمل خصائص كثيرة من أبيه وأخرى من أمه، وهذان بدورهما ورثا كثيرا من خصائص أبويهما، وهكذا؛ ولقد سبق الإسلام فبين للناس من قرون طويلة أن العرق دساس، وأن الصفات الخلقية والخلقية تورث؛ عن ابن عباس: يختلط ماء الرجل وهو أبيض غليظ بماء المرأة وهو أصفر رقيق فيخلق منهما الولد، فما كان من عصب وعظم وقوة فهو من الرجل، وكان من لحم ودم وشعر فهو من ماء المرأة.