{ 7 ْ } { وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ }
يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينية والدنيوية ، بقلوبهم وألسنتهم . فإن في استدامة ذكرها داعيا لشكر الله تعالى ومحبته ، وامتلاء القلب من إحسانه . وفيه زوال للعجب من النفس بالنعم الدينية ، وزيادة لفضل الله وإحسانه . و { مِيثَاقهِ ْ } أي : واذكروا ميثاقه { الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ ْ } أي : عهده الذي أخذه عليكم .
وليس المراد بذلك أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق ، وإنما المراد بذلك أنهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما ، ولهذا قال : { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ْ } أي : سمعنا ما دعوتنا به من آياتك القرآنية والكونية ، سمع فهم وإذعان وانقياد . وأطعنا ما أمرتنا به بالامتثال ، وما نهيتنا عنه بالاجتناب . وهذا شامل لجميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة .
وأن المؤمنين يذكرون في ذلك عهد الله وميثاقه عليهم ، وتكون منهم على بال ، ويحرصون على أداء ما أُمِرُوا به كاملا غير ناقص .
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ ْ } في جميع أحوالكم { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ } أي : بما تنطوي عليه من الأفكار والأسرار والخواطر . فاحذروا أن يطلع من قلوبكم على أمر لا يرضاه ، أو يصدر منكم ما يكرهه ، واعمروا قلوبكم بمعرفته ومحبته والنصح لعباده . فإنكم -إن كنتم كذلك- غفر لكم السيئات ، وضاعف لكم الحسنات ، لعلمه بصلاح قلوبكم .
ثم بعد أن بين - سبحانه - بعض مظاهر فضله على عباده ورحمته بهم ، أتبع ذلك بأمرهم بمداومة شكره ، وبالوفاء بعهده فقال : { واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الذي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } .
أي : تنبهوا أيها المؤمنون - بعقولكم وقلوبكم لما أسبغه الله عليكم من منن فداوموه على شكرها { واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ } بدين الإِسلام الذي هديتم به إلى الصراط المستقيم ، واذكروا كذلك { وَمِيثَاقَهُ الذي وَاثَقَكُم } أي : عهده الوثيق الذي أخذه عليكم ، وأمركم بالتزامه بكل قوة .
وقوله : { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } ظرف لقوله { وَاثَقَكُم بِهِ } أي : إذ قلتم وقت أن أخذ عليكم العهد الموثق : سمعنا قولك وأطعنا أمرك .
فأنت ترى أن الآية الكريمة أوجبت على المؤمنين أمرين :
أولهما : التنبه إلى نعم الله وعلى رأس هذه النعم نعمة الهداية إلى دين الإسلام ، ومداومة شكره - سبحانه - على ذلك .
وثانيهما : الوفاء بعهوده التي أخذها عليهم ، وتقبلوها بالسمع والطاعة لأنهم متى شكروه على نعمه ، وكانوا أوفياء بعهودهم ، زادهم - سبحانه - من فضله وعطائه .
قال الفخر الرازي : وإنما قال : { واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ } وهو يشعر بنسيانها مع أن مثلها في تواترها لا ينسى ، للإِشارة إلى أنه لكثرة هذه النعم وتعاقبها ، صارت كالأمر المعتاد الذي لكثرة وجوده قد يغفل عنه المرء .
والمراد بالميثاق الذي أخذه عليهم ما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المؤمنين من عهود على أن يسمعوا له ويطيعوا في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، كما حدث مع الأنصار ليلة العقبة ، وكما حدث مع المؤمنين جميعا في بيعة الرضوان .
وإنما أضيف الميثاق إلى الله تأكيداً لوجوب الوفاء به ؛ ولأنه - سبحانه - هو الذي شرعه وهو الذي سيحاسبهم على نقضه وعدم الوفاء به .
وقال مجاهد : المراد به الميثاق الذي أخذه الله على عباده حين أخرجهم من ظهر آدم ، وضعف هذا القول بأن الخطاب هنا للمؤمنين وليس للبشر جميعاً .
قال ابن جرير ما ملخصه : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك : قول ابن عباس ، وهو أن معناه : واذكروا أيها المؤمنون - نعمة الله التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم إلى الإِسلام { وَمِيثَاقَهُ الذي وَاثَقَكُم بِهِ } يعني : وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم السمع والطاعة له في المنشط والمكره ، والعسر واليسر ، إذ قلتم سمعنا ما قلت لنا وأخذت علينا من المواثيق ، وأطعناك فيما أمرتنا ونهيتنا عنه . . فأوفوا - أيها المؤمنون - بميثاقه الذي واثقكم به ونعمته التي أنعم عليكم بها يوف لكم بما ضمن لكم الوفاء به ، من إتمام نعمته عليكم ، وبإدخالكم جنته ، وإنعامكم بالخلود في دار كرامته وإنقاذكم من عذابه .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من قول من قال المراد بالميثاق ما أخذ عليهم في صلب آدم ، لأن الله بعد أن ذكر المؤمنين بميثاقه الذي واثقهم به ، ذكر بعد ذلك أهل التوراة بالميثاق الذي أخذه الله عليهم في قوله : { وَلَقَدْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ بني إِسْرَآئِيلَ } منبها بذلك المؤمنين على مواضع حظوظها من الوفاء لله بماعاهدهم عليه ، ويعرفهم سوء عاقبة أهل الكتاب في تضييعهم ما ضعيوا من ميثاقه .
وبعد أن ذكر الله - تعالى - المؤمنين بنعمته عليهم وبميثاقه الذي واثقهم به وأمرهم بالوفاء بما كلهم به ختم - سبحانه - الآية بأمرهم بخشيته والخوف منه قال : { واتقوا الله إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } .
أي : اشكروا الله - أيها المؤمنون - على نعمته ، وكونوا أوفياء بعهودكم واتقوا الله وراقبوه في كل ما تأتون وما تذرون ، وصونوا أنفسكم عن كل ما يكرهه لكم ، فإنه - سبحانه - عليم علما تاماً بخفيات الأمور الكامنة في الصدور . وبكل ما يظهره الإِنسان ويبطنه ، وسيحاسبكم يوم القيامة على أعمالكم ، فيجاري المسحن بإحسانه ، والمسيء بإساءته و { ذات الصدور } هي الأمور المستقرة في الصدور ، فهي بالنسبة للصدور كالصاحب بالنسبة لصاحبه الذي يلازمه ولا يفارقه . ومثلوا لها بالنيات والاعتقادات وسائر الأمور القلبية .
والجملة الكريمة { إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } تعليل لقوله { واتقوا } .
وكرر - سبحانه - اسمه الجليل لاشعار المؤمنين برقابته التامة عليهم . واطلاعه على أحوالهم المختلفة ، وأعمالهم المتنوعة وللإِشارة إلى أنه إذا كان - سبحانه - يعلم خفيات الأمور ، فمن باب أولى يعلم جلياتها .
ويعقب على أحكام الطهارة ، وعلى ما سبقها من الأحكام بتذكير الذين آمنوا بنعمة الله عليهم بالإيمان ، وبميثاق الله معهم على السمع والطاعة ، وهو الميثاق الذي دخلوا به في الإسلام - كما تقدم - كما يذكرهم تقوى الله ، وعلمه بما تنطوي عليه الصدور :
( واذكروا نعمة الله عليكم ، وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم : سمعنا وأطعنا ، واتقوا الله ، إن الله عليم بذات الصدور ) . .
وكان المخاطبون بهذا القرآن أول مرة يعرفون - كما قدمنا - قيمة نعمة الله عليهم بهذا الدين . إذ كانوا يجدون حقيقتها في كيانهم ، وفي حياتهم ، وفي مجتمعهم ، وفي مكانهم من البشرية كلها من حولهم . ومن ثم كانت الإشارة - مجرد الإشارة - إلى هذه النعمة تكفي ، إذ كانت توجه القلب والنظر إلى حقيقة ضخمة قائمة في حياتهم ملموسة .
كذلك كانت الإشارة إلى ميثاق الله الذي واثقهم به على السمع والطاعة ، تستحضر لتوها حقيقة مباشرة يعرفونها . كما كانت تثير في مشاعرهم الاعتزاز حيث تقفهم من الله ذي الجلال موقف الطرف الآخر في تعاقد مع الله ، وهو أمر هائل جليل في حسن المؤمن ، حين يدرك حقيقته هذه ويتملاها . .
ومن ثم يكلهم الله في هذا إلى التقوى . إلى إحساس القلب بالله ، ومراقبته في خطراته الخافية :
( واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور ) . .
والتعبير( بذات الصدور ) تعبير مصور معبر موح ، نمر به كثيرا في القرآن الكريم . فيحسن أن ننبه إلى مافيه من دقة وجمال وإيحاء . وذات الصدور : أي صاحبة الصدور ، الملازمة لها ، الملاصقة بها . وهي كناية عن المشاعر الخافية ، والخواطر الكامنة ، والأسرار الدفينة . التي لها صفة الملازمة للصدور والمصاحبة . وهي على خفائها وكتمانها مكشوفة لعلم الله ، المطلع على ذات الصدور . .
{ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ } . .
يعني جلّ ثناؤه بذلك : وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ أيها المؤمنون بالعقود التي عقدتموها لله على أنفسكم ، واذكروا نعمته عليكم في ذلكم ، بأن هداكم من العقود لما فيه الرضا ، ووفقكم لما فيه نجاتكم من الضلالة والردى في نعم غيرها جمة . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ قال : النعم : آلاء الله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
وأما قوله : وَمِيثاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ فإنه يعني : واذكروا أيضا أيها المؤمنون في نعم الله التي أنعم عليكم ميثاقه الذي واثقكم به ، وهو عهده الذي عاهدكم به .
واختلف أهل التأويل في الميثاق الذي ذكر الله في هذه الاَية ، أيّ مواثيقه عني ؟ فقال بعضهم : عني به ميثاق الله الذي واثق به المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة له فيما أحبوا وكرهوا ، والعمل بكلّ ما أمرهم الله به ورسوله . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وأطَعْنا . . . الاَية ، يعني : حيث بعث الله النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه الكتاب ، فقالوا : آمنا بالنبيّ وبالكتاب ، وأقررنا بما في التوراة . فذكّرهم الله ميثاقه الذي أقرّوا به على أنفسهم ، وأمرهم بالوفاء به .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وأطَعْنا فإنه أخذ ميثاقنا ، فقلنا سمعنا وأطعنا على الإيمان والإقرار به وبرسوله .
وقال آخرون : بل عنى به جلّ ثناؤه : ميثاقه الذي أخذ على عباده حين أخرجهم من صلب آدم صلى الله عليه وسلم ، وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟ فقالوا : بلى شهدنا . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : وَمِيثاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ قال : الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه .
وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك : قول ابن عباس ، وهو أن معناه : واذكروا أيها المؤمنون نعمة الله عليكم التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم للإسلام وميثاقه الذي واثقكم به ، يعني : وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة له في المنشط والمكره ، والعسر واليسر ، إذ قلتم سمعنا ما قلت لنا ، وأخذت علينا من المواثيق وأطعناك فيما أمرتنا به ونهيتنا عنه ، وأنعم عليكم أيضا بتوفيقكم لقبول ذلك منه بقولكم له سمعنا وأطعنا ، يقول : ففوا لله أيها المؤمنون بميثاقه الذي واثقكم به ، ونعمته التي أنعم عليكم في ذلك بإقراركم على أنفسكم بالسمع له والطاعة فيما أمركم به ، وفيما نهاكم عنه ، يف لكم بما ضمن لكم الوفاء به إذا أنتم وفيتم له بميثاقه من إتمام نعمته عليكم ، وبادخالكم جنته وبانعامكم بالخلود في دار كرامته ، وإنقاذكم من عقابه وأليم عذابه .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من قول من قال : عني به الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم صلوات الله عليه ، لأن الله جلّ ثناؤه ذكر بعقب تذكرة المؤمنين ميثاقه الذي واثق به أهل التوراة بعد ما أنزل كتابه على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به ونهاهم فيها ، فقال : وَلَقَدْ أخَذَ اللّهُ مِيثاقَ بَني إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْني عَشَرَ نَقِيبا . . . الاَيات بعدها ، منبها بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد على مواضع حظوظهم من الوفاء لله بما عدهدهم عليه ، ومعرّفهم سوء عاقبة أهل الكتاب في تضييعهم ما ضيعوا من ميثاقه الذي واثقهم به في أمره ونهيه ، وتعزير أنبيائه ورسله ، زاجرا لهم عن نكث عهودهم ، فيحلّ بهم ما أحلّ بالناكثين عهوده من أهل الكتاب قبلهم ، فكان إذا كان الذي ذكّرهم فوعظهم به ، ونهاهم عن أن يركبوا من الفعل مثله ميثاق قوم أخذ ميثاقهم بعد إرسال الرسول إليهم ، وإنزال الكتاب عليهم واجبا ، أن يكون الحال التي أخذ فيها الميثاق والموعوظين نظير حال الذين وعظوا بهم . وإذا كان ذلك كذلك ، كان بيّنا صحة ما قلنا في ذلك وفساد خلافه .
وأما قوله : وَاتّقُوا اللّهَ إنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدُورِ فإنه وعيد من الله جلّ اسمه للمؤمنين الذين أطافوا برسوله صلى الله عليه وسلم من أصحابه ، وتهديدا لهم أن ينقضوا ميثاق الله الذي واثقهم به في رسله وعهدهم الذي عاهدوه فيه ، بأن يضمروا له خلاف ما أبدوا له بألسنتهم . يقول لهم جلّ ثناؤه : واتقوا الله أيها المؤمنون ، فخافوه أن تبدّلوا عهده وتنقضوا ميثاقه الذي واثقكم به ، أو تخالفوا ما ضمنتم له بقولكم : سمعنا وأطعنا ، بأن تضمروا له غير الوفاء بذلك في أنفسكم ، فإن الله مطلع على ضمائر صدوركم ، وعالم بما تخفيه نفوسكم لا يخفى عليه شيء من ذلك ، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قبل لكم به ، كالذي حلّ بمن قبلكم من اليهود من المسخ وصنوف النقم ، وتصيروا في معادكم إلى سخط الله وأليم عقابه .
الخطاب بقوله : { واذكروا } إلى آخر الآية هو للمؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم و { نعمة الله } اسم جنس يجمع الإسلام ، وجمع الكلمة وعزة الحياة ، وغنى المال ، وحسن المآل ، هذه كلها نعم هذه الملة ، والميثاق المذكور هو ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في بيعات العقبة وبيعة الرضوان ، وكل موطن قال الناس فيه سمعنا وأطعنا ، هذا قول ابن عباس والسدي وجماعة من المفسرين . وقال مجاهد : الميثاق المذكور هو المأخوذ على الَّنسم حين استخرجوا من ظهر آدم ، والقول الأول أرجح وأليق بنمط الكلام .