فلا يتكلم أحد إلا بهذين الشرطين : أن يأذن الله له في الكلام ، وأن يكون ما تكلم به صوابا ، لأن { ذَلِكَ الْيَوْمُ } هو { الْحَقُّ } الذي لا يروج فيه الباطل ، ولا ينفع فيه الكذب ، وفي ذلك اليوم { يَقُومُ الرُّوحُ } وهو جبريل عليه السلام ، الذي هو أشرف الملائكة{[1345]} { وَالْمَلَائِكَةِ } [ أيضا يقوم الجميع ]
{ صَفًّا } خاضعين لله { لَا يَتَكَلَّمُونَ } إلا بما أذن لهم الله به{[1346]} .
والظرف فى قوله - تعالى - : { يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً . . . } متعلق بقوله - تعالى - قبل ذلك : { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } . . والمراد بالروح : جبريل - عليه السلام - . أى : لا يملك أحد أن يخاطب الله - تعالى - إلا بإذنه ، يوم القيامة ، ويوم يقوم جبريل - عليه السلام - بين يدى خالقه قيام تذلل وخضوع ، ويقوم الملائكة - أيضا - قياما كله أدب وخشوع ، وهم فى صفوف منتظمة .
{ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ } أى : لا يستطيع جبريل ولا الملائكة ولا غيرهم الكلام { إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن } منهم بالكلام أو بالشفاعة .
{ وَقَالَ صَوَابا } أى : وقال المأذون له فى الكلام قولا صوابا يرضى الخالق - عز وجل - .
وكون المراد بالروح : جبريل - عليه السلام - هو الرأى الراجح ، لأن القرآن الكريم قد وصفه بذلك فى آيات منها قوله - تعالى - : { نَزَلَ بِهِ الروح الأمين . على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين } وهناك أقوال أخرى فى المراد به ، منها : أنه ملك من الملائكة ، ومنها : أرواح بنى آدم .
وجملة " لا يتكلمون " مؤكدة لجملة { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } والضمير لجميع الخلائق .
وقد أفادت الآية الكريمة أن الذين يتكلمون فى هذا اليوم الهائل الشديد ، هم الذين يأذن الله - تعالى - لهم بالكلام ، وهم الذين يقولون قولا صوابا يرضى الله - تعالى - عنه .
وجملة : " وقال صوابا " يجوز أن تكون فى موضع الحال من الاسم الموصول " من " أى : لا يستطيع أحد منهم الكلام إلا الشخص الذى قد أذن الله - تعالى - له فى الكلام ، والحال أن هذا المأذون له قد قال صوابا .
ويصح أن تكون معطوفة على جملة { أَذِنَ لَهُ الرحمن } أى : لا يستطيعون الكلام إلا الذين أذن لهم الرحمن فى الكلام ، وإلا الذين قالوا قولا صوابا يرضى الله ، فإنهم يتكلمون .
والمقصود من الآية الكريمة ، بيان أن الخلائق جميعا يكونون فى هذا اليوم ، فى قبضة الرحمن وتحت تصرفه ، وأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا إلا بإذنه - تعالى - .
وقوله : يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ اختلف أهل العلم في معنى الروح في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو مَلك من أعظم الملائكة خَلْقا . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن خلف العَسْقَلانيّ ، قال : حدثنا روّاد بن الجرّاح ، عن أبي حمزة ، عن الشعبيّ ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، قال : الرّوح ملك في السماء الرابعة ، هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة ، يسبح الله كلّ يوم اثني عشر ألف تسبيحة ، يخلق الله من كلّ تسبيحة مَلَكا من الملائكة ، يجيء يوم القيامة صفّا وحده .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ والمَلائِكَةُ قال : هو ملك أعظم الملائكة خَلْقا .
وقال آخرون : هو جبريل عليه السلام . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن ثابت ، عن الضحاك يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ قال جبريل عليه السلام .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الضحاك يَوْمَ يَقُومُ الرّوح قال : الروح : جبريل عليه السلام .
حدثنا محمد بن خَلَف العَسْقَلانيّ ، قال : حدثنا روّاد بن الجرّاح ، عن أبي حمزة عن الشعبيّ يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ قال : الروح جبريل عليه السلام .
وقال آخرون : خَلْق من خلق الله في صورة بني آدم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال الرّوحُ خَلْقٌ على صورة بني آدم ، يأكلون ويشربون .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مسلم ، عن مجاهد ، قال الرّوح : خلق لهم أيد وأرجل وأراه قال : ورؤوس يأكلون الطعام ، ليسوا ملائكة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، قال : يشبهون الناس ، وليسوا بالناس .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن مجاهد ، قال الرّوحُ : خَلْق كخلق آدم .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الأعمش ، في قوله : يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفّا قال : الروح خلق من خلق الله يُضْعِفون على الملائكة أضعافا ، لهم أيد وأرجل .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح مولى أم هانىء يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ قال : الروح : خلق كالناس ، وليسوا بالناس .
وقال آخرون : هم بنو آدم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يَوْمَ يَقُومُ الرّوح قال : هم بنو آدم ، وهو قول الحسن .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ : قال : الروح بنو آدم . وقال قتادة : هذا مما كان يكتمه ابن عباس .
وقال آخرون : قيل : ذلك أرواح بني آدم . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفّا لا يَتَكَلّمُونَ قال : يعني حين تقوم أرواح الناس مع الملائكة ، فيما بين النفختين ، قبل أن تردّ الأرواح إلى الأجساد .
وقال آخرون : هو القرآن . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، كان أبي يقول : الروح : القرآن ، وقرأ وكَذَلِكَ أَوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحا مِنْ أمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي ما الْكِتابُ وَلا الإيمَانُ .
والصواب من القول أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ خَلْقه لا يملكون منه خطابا ، يوم يقوم الرّوح ، والرّوح : خَلْق من خلقه . وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت ، والله أعلم أيّ ذلك هو ؟ ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعنيّ به دون غيره ، يجب التسليم له ، ولا حجة تدلّ عليه ، وغير ضائر الجهل به .
وقيل : إنه يقول : سِمَاطان . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا منصور بن عبد الرحمن ، عن الشعبيّ ، في قوله : يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفّا لا يَتَكَلّمُونَ إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ قال : هما سِماطان لربّ العالمين ، يوم القيامة : سِماط من الروح ، وسِماط من الملائكة .
وقوله : لا يَتَكَلّمُونَ إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ قيل : إنهم يُؤْذَن لهم في الكلام ، حين يُؤْمَر بأهل النار إلى النار ، وبأهل الجنة إلى الجنة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : حدثنا أبو عمرو ، الذي يقصّ في طيء عن عكرمة ، وقرأ هذه الاَية : إلا مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ وَقالَ صَوَابا قال : يمرّ بأناس من أهل النار على ملائكة ، فيقولون : أين تذهبون بهؤلاء ؟ فيقال : إلى النار ، فيقولون : بما كَسَبت أيديهم ، وما ظلمهم الله ، ويمرّ بأناس من أهل الجنة على ملائكة ، فيقال : أين تذهبون بهؤلاء ؟ فيقولون : إلى الجنة ، فيقولون : برحمة الله دخلتم الجنة ، قال : فيُؤذَن لهم في الكلام ، أو نحو ذلك .
وقال آخرون : إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحمنُ بالتوحيد وَقالَ صَوَابا في الدنيا ، فوحّد الله . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ وَقالَ صَوَابا يقول : إلا من أذن له الربّ بشهادة أن لا إله إلا الله ، وهي منتهى الصواب .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَقالَ صَوَابا قال حقا في الدنيا ، وعمل به .
حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله : إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ ، وَقالَ صَوَابا قال : لا إله إلا الله .
قال أبو حفص : فحدثت به يحيى بن سعيد ، فقال : أنا كتبته عن عبد الرحمن بن مهديّ ، عن أبي معاوية .
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا حفص بن عمر العَدَنيّ ، قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرِمة في قوله : إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ وَقالَ صَوَابا قال : لا إله إلا الله .
والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن خلقه أنهم لا يتكلمون يوم يقوم الروح والملائكة صفا ، إلا من أذن له منهم في الكلام الرحمن ، وقال صوابا ، فالواجب أن يقال كما أخبر إذ لم يخبرنا في كتابه ، ولا على لسان رسوله ، أنه عَنَى بذلك نوعا من أنواع الصواب ، والظاهر محتمل جميعه .
يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا تقرير وتوكيد لقوله لا يملكون فإن هؤلاء الذين هم أفضل الخلائق وأقربهم من الله إذا لم يقدروا أن يتكلموا بما يكون صوابا كالشفاعة لمن ارتضى إلا بإذنه فكيف يملكه غيرهم و يوم ظرف ل لا يملكون أو ل يتكلمون و الروح ملك موكل على الأرواح أو جنسها أو جبريل عليه السلام أو خلق أعظم من الملائكة .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله:"يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ"، اختلف أهل العلم في معنى الروح في هذا الموضع؛
فقال بعضهم: هو مَلك من أعظم الملائكة خَلْقا...
وقال آخرون: هو جبريل عليه السلام...
وقال آخرون: خَلْق من خلق الله في صورة بني آدم...
وقال آخرون: قيل: ذلك أرواح بني آدم...
والصواب من القول أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ خَلْقه لا يملكون منه خطابا، يوم يقوم الرّوح، والرّوح: خَلْق من خلقه. وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت، والله أعلم أيّ ذلك هو؟ ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعنيّ به دون غيره، يجب التسليم له، ولا حجة تدلّ عليه، وغير ضائر الجهل به...
وقوله: "لا يَتَكَلّمُونَ إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ "قيل: إنهم يُؤْذَن لهم في الكلام، حين يُؤْمَر بأهل النار إلى النار، وبأهل الجنة إلى الجنة...
وقال آخرون: "إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحمنُ" بالتوحيد "وَقالَ صَوَابا" في الدنيا، فوحّد الله... عن مجاهد وَقالَ صَوَابا قال حقا في الدنيا، وعمل به...
عن أبي صالح في قوله: "إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ، وَقالَ صَوَابا" قال: لا إله إلا الله...
والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن خلقه أنهم لا يتكلمون يوم يقوم الروح والملائكة صفا، إلا من أذن له منهم في الكلام الرحمن، وقال صوابا، فالواجب أن يقال كما أخبر إذ لم يخبرنا في كتابه، ولا على لسان رسوله، أنه عَنَى بذلك نوعا من أنواع الصواب، والظاهر محتمل جميعه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
اختلف في الروح؛ فمنهم من قال: هو جبريل عليه السلام، ومنهم من صرفه إلى أرواح المسلمين، ومنهم من ذكر أنهم الحفظة على الملائكة، يرون الملائكة، ولا يراهم الناس. وجائز أن يكون الروح الكتب المنزلة من السماء كما قال: {ينزل الملائكة بالروح من أمره} [النحل: 2] فتكون الكتب مخاصمة مع من ضيع حقها، أو نبذها وراء ظهره، وشافعا لمن أدى حقها، وعمل بما فيها. ومنهم من ذكر أن هذا من المكتوم الذي لا يفسر...
{لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا} جائز أن يكون هذا منصرفا إلى الشافع أي الشافع لا يقول في ما يشفع غير الصواب، وما حل به من الرهبة والخوف من هيبة الله تعالى لا يزيله عن التكلم بالحق بل الله تعالى يثبته على الحق، ويجري على لسانه الصواب. قال بعضهم: معناه: لا يشفع إلا من قال في الدنيا صوابا، وهو الحق، وقيل: معناه: أنه لا ينال من الشفاعة حظا إلا من قال في الدنيا الصواب؛ والصواب أن يكون مقيما في ما دان به من التوحيد...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
و {يَوْمَ يَقُومُ} متعلق بلا يملكون، أو بلا يتكلمون. والمعنى: إنّ الذين هم أفضل الخلائق وأشرفهم وأكثرهم طاعة وأقربهم منه وهم الروح والملائكة لا يملكون التكلم بين يديه، فما ظنك بمن عداهم من أهل السموات والأرض؟...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{يوم يقوم الروح}... {والملائكة} أي كلهم، ونبه بالاصطفاف على شدة الأمر فقال: {صفاً} للقاء ما في ذلك اليوم من شدائد الأهوال ولحفظ الثقلين وهم في وسط دائرة صفهم من الموج والاضطراب لعظيم ما هم فيه، ثم زاد الأمر عظماً بذكر العامل في لا يوم فقال: {لا يتكلمون} أي من تقدم كلهم بأجمعهم فيه بكلمة واحدة مطلق كلام خطاباً كان أي في أمر عظيم أو لا، لا له سبحانه ولا لغيره أصلاً ولا- أحد منهم، ويجوز أن يكون هذا حالاً لهؤلاء الخواص فيكون الضمير لهم فغيرهم بطريق الأولى {إلا من أذن له} أي في الكلام إذناً خاصاً {الرحمن} أي الملك الذي لا تكون نعمه على أحد من خلقه إلا منه {وقال صواباً} فإن لم يحصل الأمر إن لم يقع الكلام من أحد منهم أصلاً، وهذا كالدليل على آية الخطاب بأنه إذا كان الروح والقريب منه بهذه المثابة في حال كل من حضره كان أحوج ما يكون إلى الكلام فما الظن بغيرهم؟ وهم في غيره كذلك بطريق الأولى وغيرهم فيه وفي غيره من باب الأولى، وأما في الدنيا فإنه وإن كان لا يتكلم أحد إلا بإذنه لكنه قد يتكلم بالخطأ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والقيام: الوقوف وهو حالة الاستعداد للعمل الجِد وهو من أحوال العبودية الحق التي لا تُستحق إلا لله تعالى... والصف اسم للأشياء الكائنة في مكان يجانبُ بعضُها بعضاً كالخط...
. والإذن: اسم للكلام الذي يفيد إباحةَ فعل للمأذون، وهو مشتق من: أَذِن له، إذا استمع إليه...
.ومتعلق {أذن} محذوف دل عليه {لا يتكلمون}، أي من أذن له في الكلام. ومعنى أذْن الرحمان: أن من يريد التكلم لا يستطيعُه أو تعتريه رهبة فلا يُقدم على الكلام حتى يستأذن الله فيأذن له...
{وقال صواباً} مستعمل في معنى المضارع، أي ويقول صواباً، فعبر عنه بالماضي لإفادة تحقق ذلك، أي في علم الله. وإطلاق صفة {الرحمن} على مقام الجَلالة إيماء إلى أن إذن الله لمن يتكلم في الكلام أثر من آثار رحمته لأنه أذن فيما يحصل به نفع لأهل المحشر من شفاعة أو استغفار...