تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (158)

{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }

يخبر تعالى أن الصفا والمروة وهما معروفان { مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } أي أعلام دينه الظاهرة ، التي تعبد الله بها عباده ، وإذا كانا من شعائر الله ، فقد أمر الله بتعظيم شعائره فقال : { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } فدل مجموع النصين أنهما من شعائر الله ، وأن تعظيم شعائره ، من تقوى القلوب .

والتقوى واجبة على كل مكلف ، وذلك يدل على أن السعي بهما فرض لازم للحج والعمرة ، كما عليه الجمهور ، ودلت عليه الأحاديث النبوية وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " خذوا عني مناسككم "

{ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } هذا دفع لوهم من توهم وتحرج من المسلمين عن الطواف بينهما ، لكونهما في الجاهلية تعبد عندهما الأصنام ، فنفى تعالى الجناح لدفع هذا الوهم ، لا لأنه غير لازم .

ودل تقييد نفي الجناح فيمن تطوف بهما في الحج والعمرة ، أنه لا يتطوع بالسعي مفردا إلا مع انضمامه لحج أو عمرة ، بخلاف الطواف بالبيت ، فإنه يشرع مع العمرة والحج ، وهو عبادة مفردة .

فأما السعي والوقوف بعرفة ومزدلفة ، ورمي الجمار فإنها تتبع النسك ، فلو فعلت غير تابعة للنسك ، كانت بدعة ، لأن البدعة نوعان : نوع يتعبد لله بعبادة ، لم يشرعها أصلا ، ونوع يتعبد له بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة ، فتفعل على غير تلك الصفة ، وهذا منه .

وقوله : { وَمَنْ تَطَوَّعَ } أي : فعل طاعة مخلصا بها لله تعالى { خَيْرًا } من حج وعمرة ، وطواف ، وصلاة ، وصوم وغير ذلك { فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ } فدل هذا ، على أنه كلما ازداد العبد من طاعة الله ، ازداد خيره وكماله ، ودرجته عند الله ، لزيادة إيمانه .

ودل تقييد التطوع بالخير ، أن من تطوع بالبدع ، التي لم يشرعها الله ولا رسوله ، أنه لا يحصل له إلا العناء ، وليس بخير له ، بل قد يكون شرا له إن كان متعمدا عالما بعدم مشروعية العمل .

{ فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } الشاكر والشكور ، من أسماء الله تعالى ، الذي يقبل من عباده اليسير من العمل ، ويجازيهم عليه ، العظيم من الأجر ، الذي إذا قام عبده بأوامره ، وامتثل طاعته ، أعانه على ذلك ، وأثنى عليه ومدحه ، وجازاه في قلبه نورا وإيمانا ، وسعة ، وفي بدنه قوة ونشاطا ، وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء ، وفي أعماله زيادة توفيق .

ثم بعد ذلك ، يقدم على الثواب الآجل عند ربه كاملا موفرا ، لم تنقصه هذه الأمور .

ومن شكره لعبده ، أن من ترك شيئا لله ، أعاضه الله خيرا منه ، ومن تقرب منه شبرا ، تقرب منه ذراعا ، ومن تقرب منه ذراعا ، تقرب منه باعا ، ومن أتاه يمشي ، أتاه هرولة ، ومن عامله ، ربح عليه أضعافا مضاعفة .

ومع أنه شاكر ، فهو عليم بمن يستحق الثواب الكامل ، بحسب نيته وإيمانه وتقواه ، ممن ليس كذلك ، عليم بأعمال العباد ، فلا يضيعها ، بل يجدونها أوفر ما كانت ، على حسب نياتهم التي اطلع عليها العليم الحكيم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (158)

ثم تحدث - سبحانه - عن شعيرة من شعائر الحج فقال :

{ إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ . . . }

قال الآلوسي : بعد أن أشار - سبحانه - فيما تقدم إلى الجهاد عقب ذلك ببيان معالج الحج ، فكأنه جمع بين الحج والغزو ، وفيهما شق الأنفس وتلف الأموال ، وقيل لما ذكر الصبر عقبة ببحث الحج لما فثيه من الأمور إليه .

و { الصفا } في اللغة : الحجر الأملس ، مأخوذ من صفا يصفو إذا خلص ، واحده صفاة فهو مثل حصى وحصاة ونوى ونواة .

و { المروة } في أصل اللغة : الحجر الأبيض اللين ، وقيل : الحصاة الصغيرة . وهما - أي الصفا والمروة - قد جعلا علمين لجبلين معروفين بمكة كانا على بعد ما يقرب من ألف ذراع من المسجد الحرام . والألف واللام فيهما للتعريف لا للجنس . ومع توسعة المسجد الحرام صارا متصلين به .

و { شَعَآئِرِ } جمع شعيرة ، من الإِشعار بمعنى الإِعلام ، ومنه قولك شعرت بكذا ، أي : علمت به .

وكون الصفا والمروة من شعائر الله ، ي : أعلام دينه ومتعبداته . تعبدنا الله بالسعي بينهما في الحج والعمرة .

وشعائر الحج : معالمه الظاهرة للحواس ، التي جعلها الله أعلاما لطاعته ، ومواضع نسكه وعباداته ، كالمطاف والمسعى والموقف والمرمى والمنحر .

وتطلق الشعائر على العبادات التي تعبدنا الله بها في هذه المواضع ، لكونها علامات على الخضوع والطاعة والتسليم لله - تعالى - .

وأكدت الجملة الكريمة بأن لأن بعض المسلمين كانوا مترددين في كون السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله ، وكانوا يظنون أن السعي بينهما من أحوال الجاهلية ، كما سنبين بعد قليل .

وقوله : { فَمَنْ حَجَّ البيت أَوِ اعتمر فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } تفريع على كونهما من شعائر الله وأن السعي بينهما في الحج والعمرة من المناسك . والحج لغة : القصد مطلقاً أو إلى معظم . وشرعا : القصد إلى البيت الحرام في زمان معين بأعمال مخصوصة .

و { اعتمر } أي : زار . والعمرة الزيارة مأخوذة من العمارة كأن الزائر يعمر البيت الحرام بزيارته . وشرعا الزيارة لبيت الله المعظم بأعمال مخصوصة وهي : الإِحرام والطواف والسعي بين الصفا والمروة .

و { جُنَاحَ } - بضم الجيم - الإِثم والحرج مشتق من جنح إذا مال عن القصد ، وسمى الإِثم به للميل فيه من الحق إلى الباطل .

و { يَطَّوَّفَ } أصلها يتطوف ، فأبدلت التاء طاء ، وأدغمت في الطاء فصارت " يطوف والتطوف بالشيء كالطواف به ، ومعناه : الإِلمام بالشيء والمشي حوله .

وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الطواف بالنسبة للكعبة بالدوران حولها سبعة أشواط . وفسره بالنسبة للصفا والمروة بالسعي بينهما سبعة أشواط كذلك .

و " من " في قوله : { فَمَنْ حَجَّ } شرطية ، " وحج " في محل جزم بالشرط ، و { البيت } منصوب على المفعولية ، وجملة " فلا جناح عليه أن يطوف بهما " جواب الشرط .

والمعنى : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، أي : من المواضع التي يقام فيهما أمر من أمور دينه وهو السعي بينهما { فَمَنْ حَجَّ البيت } أي : قصده بالأفعال المعينة التي شرعها الله { أَوِ اعتمر } أي : أتى بالعمرة كما بينتها تعاليم الإِسلام " فلا جناح عليه أن يطوف بهما " أي : فلا إثم ولا حرج ولا مؤاخذة عليه في الطواف بهما ، لأنهما مطلوبان للشارع ، ومعدودان من الطاعات .

وهنا قد يقول قائل : إن بعض الذين يقرءون هذه الآية قد يشكل عليهم فهمها وذلك لأن قوله - تعالى - : { إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله } يدل على أن الطواف بهما مطلوب شرعاً طلبا أقل درجاته الندب ، وقوله - تعالى - { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } يقتضي رفع الأثم عن المتطوف بهما ، والتعبير برفع الإِثم عن الشيء يأتي في مقام الدالة على إباحته ، وإذن فما الأمر الداعي إلى أن يقال في هذه الشعيرة : لا إثم على من يفعلها بعد التصريح بأنها من شعائر الله ؟ وللإِجابة على هذا القول نقول . إن الوقوف على سبب نزول الآية الكريمة يرفع هذا الاستشكال . وقد روى العلماء في سبب نزولها عدة روايات منها : ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير قال : سألت عائشة - رضي الله عنها - قلت لها : أرأيت قوله - تعالى - : { إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ البيت أَوِ اعتمر فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا . . . } فوالله ، ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة ؟ قالت بئس ما قلت يا ابن أختي ! ! إن هذه الآية لو كانت كما أولتها لكانت : لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، ولكن الآية أنزلت في الأنصار . كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية ، التي كانوا يعبدونها عند المشلل . فكان من أهل يتحرج أن يتطوف بالصفا والمروة . فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقالوا : يا رسول الله : إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية .

قالت عائشة : وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما .

وهناك رواية لمسلم عن عروة عن عائشة تشبه ما جاء في رواية البخاري ، وهناك رواية للنسائي عن زيد بن حارثة قال : كان على الصفا والمروة صتمان من نحاس يقال لهما " إساف ونائلة " كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما .

وهناك رواية للطبراني وابن أبي حاتم بإسناد حسن من حديث ابن عباس قال : قالت الأنصار : إن السعي بن الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله هذه الآية .

فيؤخذ من هذه الروايات أن بعض المسلمين كانوا يتحرجون من السعي بين الصفا والمروة لأسباب من أهمها أن هذا السعي كان من شعائرهم في الجاهلية فقد كانوا يهلون - أي يحرمون - لمناة ، ثم يسعون بينهما ليتمسحوا بصنمين عليهما ، وهم لا يريدون أن يعملوا في الإِسلام شيئا مما كان من أمر الجاهلية لأن دين الإِسلام الذي خالط أعماق قلوبهم هز أرواحهم هزاً قوياً وجعلهم ينظرون بجفوة وازدراء واحتراس إلى كل ما كانوا عليه في الجاهلية من أعمال تتنافى مع تعاليم دينهم الجديد ، فنزلة هذه الآية الكريمة لتزيل التحرج الذي كان يتردد في صدورهم من السعي بين الصفا والمروة .

وهذا يدل على قوة إيمانهم ، وصفاء يقينهم ، وتحرزهم من كل قول أو عمل يشم منه رائحة التعارض مع العقيدة التي جعلتهم يخلصون عبادتهم لله الواحد القهار .

وقوله { وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ } تذييل قصد منه الإِتيان بحكم كلي في أفعال الخيرات كلها ، وقيل إنه تذييل لما أفادته الآية من الحث على السعي بين الصفا والمروة .

و { تَطَوَّعَ } من التطوع وهو فعل الطاعة فريضة كانت أو نافلة ، وقيل هو التطوع بالنفل خاصة .

{ شَاكِرٌ } من الشكر ، والشاكر في اللغة هو المظهر للإِنعام عليه ، وذلك محال في حق الله - تعالى - ، إذ هو المنعم على خلقه ، فوجب حمل شكر الله لعباده على معنى مجازاتهم على ما يعملون من خيرات ، وإثابتهم على ذلك بالثواب الجزيل .

قال الإِمام الرازي : وإنما سمي - سبحانه - المجازاة على الطاعة شكراً لوجوه :

الأول : أن اللفظ خرج مخرج التلطف مع العباد مبالغة في الإِحسان إليهم ، كما في قوله - تعالى - : { مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً } وهو - سبحانه - لا يستقرض من عوز ، ولكنه تلطف في الاستدعاء كأنه قيل : من ذا الذي يعمل عمل المقرض . بأن يقدم فياخذ أضعاف ما قدم .

الثاني : أن الشكر لما كان مقابلا للإِنعام أو الجزاء عليه ، سمي كل ما كان جزاء شكراً على سبيل التشبيه .

الثالث : كأنه يقول : أنا وإن كنت غنياً عن طاعتك ، إلا أني أجعل لها من الموقع بحيث لو صح على أن أنتفع بها لما ازداد وقعه على ما حصل .

وبالجملة فالمقصود أن طاعة العبد مقبولة عند الله ، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات .

و { وَمَن } شرطية .

و { تَطَوَّعَ } فعل الشرط ، و { خَيْراً } منصوب على نزل الخافض ، وأصله بخير ؛ لأن تطوع يتعدى بالباء ولا يتعدى بنفسه ثم حذفت الباء في نظم الكلام نحو : تمرون الديار فلم تعوجوا . أو هو منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف أي : تطوعاًَ خيراً ، وجملة { فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ } دليل على جواب الشرط ، إذ التقدير ، ومن تطوع خيراً جوزي فإن الله شاكر عليم .

والمعنى : ومن تطوع بالخيرات وأنواع الطاعات ، أو من أتى بالحج أو العمرة طاعة لله ، أو من أتى بهما مرة بعد مرة زيادة على المقروض أو الواجب عليه ، فاز بالثواب الجزيل ، والنعيم المقيم ؛ لأن من صفاته - سبحانه - مجازاة من يحسنون العمل ، وهو عليم بكل ما يصدر عن عباده ، ولن يضيع أجر من أحسن عملا .

هذا ، وقد اختلفت أقوال الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة .

فمنهم من يرى أنه من أركان الحج كالإِحرام والطواف والوقوف بعرفة . وإلى هذا الرأي ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك في أشهر الروايتين عنه ومن حججهم أنه من أفعال الحج ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اهتم به وبادر إليه ، فقد روى الشيخان عن عمرو بن دينار قال : سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت العمرة ، ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته ؟ فقال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين ، وطاف بين الصفا والمروة . وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

ومنهم من يرى أنه واجب يجبر بالدم ، وإلى هذا الرأي ذهب الحنفية ومن حججهم أنه لم يثبت بدليل قطعى فلا يكون ركنا .

ومنهم من يرى غير ذلك كما هو موضح في كتب الفقه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (158)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الصّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطّوّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوّعَ خَيْراً فَإِنّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }

والصفا : جمع صفاة ، وهي الصخرة الملساء ، ومنه قول الطرمّاح :

أبَى لي ذُو القُوى والطّول ألاّ يُؤَبّسَ حافِرٌ أبْدا صَفاتِي

وقد قالوا إن الصفا واحد ، وأنه يثنى صَفَوان ، ويجمع أصفاء وصُفِيّا وصِفِيّا واستشهدوا على ذلك بقول الراجز :

كأنّ مَتْنَيْهِ مِنَ النّفِيّ مَوَاقِعُ الطّيْرِ على الصُفِيّ

وقالوا : هو نظير عصا وعُصيّ ورحا ورُحيّ وأرحاء . وأما المروة فإنها الحصاة الصغيرة يجمع قليلها مروات ، وكثيرها المرو مثل تمرة وتمرات وتمر . قال الأعشى ميمون بن قيس :

وَتَرَى بالأرْضِ خُفّا زائِلاً فإذَا ما صَادَفَ المَرْوَ رَضَحْ

يعني بالمرو : الصخر الصغار . ومن ذلك قول أبي ذؤيب الهذلي :

حتى كأني للحَوَادِثِ مَرْوَةٌ بصفَا المُشَرّق كلّ يَوْمٍ تُقْرَعُ

ويقال «المشقّر » .

وإنما عنى الله تعالى ذكره بقوله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ في هذا الموضع : الجبلين المسميين بهذين الاسمين اللذين في حرمه دون سائر الصفا والمرو ولذلك أدخل فيهما الألف واللام ، ليعلم عباده أنه عنى بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين دون سائر الأصفاء والمرو .

وأما قوله : مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فإنه يعني من معالم الله التي جعلها تعالى ذكره لعباده معلما ومشعرا يعبدونه عندها ، إما بالدعاء وإما بالذكر وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها ومنه قول الكميت :

نُقَتّلُهُمْ جِيلاً فجِيلاً تَرَاهُمُ شَعَائِرَ قُرْبانٍ بِهِمْ يُتَقَرّبُ

وكان مجاهد يقول في الشعائر بما :

حدثني به محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ قال : من الخبر الذي أخبركم عنه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . فكأنّ مجاهدا كان يرى أن الشعائر إنما هو جمع شعيرة من إشعار الله عباده أمر الصفا والمروة وما عليهم في الطواف بهما ، فمعناه إعلامهم ذلك وذلك تأويل من المفهوم بعيد .

وإنما أعلم الله تعالى ذكره بقوله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ عباده المؤمنين أن السعي بينهما من مشاعر الحجّ التي سنّها لهم ، وأمر بها خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، إذ سأله أن يريه مناسك الحج . وذلك وإن كان مخرجه مخرج الخبر ، فإنه مراد به الأمر لأن الله تعالى ذكره قد أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم عليه السلام ، فقال له : ثم أوْحَيْنَا إليكَ أن اتّبِعْ مِلّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفا وجعل تعالى ذكره إبراهيم إماما لمن بعده . فإذا كان صحيحا أن الطواف والسعي بين الصفا والمروة من شعائر الله ومن مناسك الحج ، فمعلوم أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم قد عمل به وسنّه لمن بعده ، وقد أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أمته باتباعه ، فعليهم العمل بذلك على ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ .

يعني تعالى ذكره : فَمَنْ حَجّ البَيْتَ فمن أتاه عائدا إليه بعد بدء ، وكذلك كل من أكثر الاختلاف إلى شيء فهو حاجّ إليه ومنه قول الشاعر :

وأشْهَدَ مِنْ عَوْفٍ حُلُولاً كَثِيرَةً يَحُجّونَ بَيْتَ الزّبْرَقانِ المُزَعْفَرَا

يعني بقوله يحجون : يكثرون التردّد إليه لسؤدده ورياسته .

وإنما قيل للحاج حاج لأنه يأتي البيت قبل التعريف ، ثم يعود إليه لطواف يوم النحر بعد التعريف ، ثم ينصرف عنه إلى منى ، ثم يعود إليه لطواف الصدر ، فلتكراره العود إليه مرّة بعد أخرى قيل له حاجّ . وأما المعتمر فإنما قيل له معتمر لأنه إذا طاف به انصرف عنه بعد زيارته إياه . وإنما يعني تعالى ذكره بقوله : أوِ اعْتَمَرَ أو اعتمر البيت ، ويعني بالاعتمار الزيارة ، فكل قاصد لشيء فهو له معتمر ومنه قول العجاج :

لَقَدْ سَمَا ابْنُ مَعْمَرٍ حِينَ اعْتَمَرْ مَغْزًى بَعِيدا مِنْ بَعِيدٍ وضَبَرْ

يعني بقوله «حين اعتمر » : حين قصده وأمه .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما .

يعني تعالى ذكره بقوله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما يقول : فلا خرج عليه ولا مأثم في طوافه بهما .

فإن قال قائل : وما وجه هذا الكلام ، وقد قلت لنا إن قوله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه وإن كان ظاهره ظاهر الخبر فإنه في معنى الأمر بالطواف بهما ؟ فكيف يكون أمرا بالطواف ، ثم يقال : لا جناح على من حجّ البيت أو اعتمر في الطواف بهما ؟ وإنما يوضع الجناح عمن أتى ما عليه بإتيانه الجناح والحرج ، والأمر بالطواف بهما ، والترخيص في الطواف بهما غير جائز اجتماعهما في حال واحدة ؟

قيل : إن ذلك بخلاف ما إليه ذهب ، وإنما معنى ذلك عند أقوام أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اعتمر عمرة القضية تخوّف أقوام كانوا يطوفون بهما في الجاهلية قبل الإسلام لصنمين كانا عليهما تعظيما منهم لهما فقالوا : وكيف نطوف بهما ، وقد علمنا أن تعظيم الأصنام وجميع ما كان يعبد من ذلك من دون الله شرك ؟ ففي طوافنا بهذين الحجرين أحد ذلك ، لأن الطواف بهما في الجاهلية إنما كان للصنمين اللذين كانا عليهما ، وقد جاء الله بالإسلام اليوم ولا سبيل إلى تعظيم شيء مع الله بمعنى العبادة له . فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك من أمرهم : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ يعني أن الطواف بهما ، فترك ذكر الطواف بهما اكتفاء بذكرهما عنه . وإذ كان معلوما عند المخاطبين به أن معناه : من معالم الله التي جعلها علما لعباده يعبدونه عندهما بالطواف بينهما ويذكرونه عليهما وعندهما بما هو له أهل من الذكر ، فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا يتخوّفن الطواف بهما ، من أجل ما كان أهل الجاهلية يطوفون بهما ، من أجل الصنمين اللذين كانا عليهما ، فإن أهل الشرك كانوا يطوفون بهما كفرا ، وأنتم تطوفون بهما إيمانا وتصديقا لرسولي وطاعة لأمري ، فلا جناح عليكم في الطواف بهما . والجناح : الإثم . كما :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوفَ بِهِما يقول : ليس عليه إثم ولكن له أجر .

وبمثل الذي قلنا في ذلك تظاهرت الرواية عن السلف من الصحابة والتابعين . ذكر الأخبار التي رويت بذلك :

حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا داود ، عن الشعبي : أن وثنا كان في الجاهلية على الصفا يسمى إسافا ، ووثنا على المروة يسمى نائلة فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوثنين فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان ، قال المسلمون : إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين ، وليس الطواف بهما من الشعائر . قال : فأنزل الله : إنهما من الشعائر فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوفَ بِهِما .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا داود ، عن عامر ، قال : كان صنم بالصفا يدعى إسافا ، ووثن بالمروة يدعى نائلة . ثم ذكر نحو حديث ابن أبي الشوارب ، وزاد فيه ، قال : فذكّر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه ، وأنّث المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مؤنثا .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، وذكر نحو حديث ابن أبي الشوارب ، عن يزيد ، وزاد فيه ، قال : فجعله الله تطوّع خير .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرني عاصم الأحول ، قال : قلت لأنس بن مالك : أكنتم تكرهون الطواف بين الصفا والمروة حتى نزلت هذه الآية ؟ فقال : نعم كنا نكره الطواف بينهما لأنهما من شعائر الجاهلية حتى نزلت هذه الآية : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

حدثني عليّ بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، قال : سألت أنسا عن الصفا والمروة ، فقال : كانتا من مشاعر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكوا عنهما ، فنزلت : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثني أبو الحسين المعلم ، قال : حدثنا سنان أبو معاوية ، عن جابر الجعفي ، عن عمرو بن حبشي ، قال : قلت لابن عمر : إن الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوفَ بِهِما قال : انطلق إلى ابن عباس فاسأله ، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأتيته فسألته ، فقال : إنه كان عندهما أصنام ، فلما حرّمن أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أنزلت : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه وذلك أن ناسا كانوا يتحرّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فأخبر الله أنهما من شعائره ، والطواف بينهما أحب إليه ، فمضت السنّة بالطواف بينهما .

حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما قال : زعم أبو مالك عن ابن عباس أنه كان في الجاهلية شياطين تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة ، وكانت بينهما آلهة ، فلما جاء الإسلام وظهر ، قال المسلمون : يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة ، فإنه شرك كنا نفعله في الجاهلية فأنزل الله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه قال : قالت الأنصار : إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية . فأنزل الله تعالى ذكره : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما قال : كان أهل الجاهلية قد وضعوا على كل واحد منهما صنما يعظمونهما فلما أسلم المسلمون كرهوا الطواف بالصفا والمروة لمكان الصنمين ، فقال الله تعالى : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما وقرأ : وَمَنْ يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللّه فإنّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب وسنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، قال : قلت لأنس : الصفا والمروة أكنتم تكرهون أن تطوفوا بهما مع الأصنام التي نهيتم عنها ؟ قال : نعم حتى نزلت : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، قال : أخبرنا عاصم ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : إن الصفا والمروة من مشاعر قريش في الجاهلية ، فلما كان الإسلام تركناهما .

وقال آخرون : بل أنزل الله تعالى ذكره هذه الآية في سبب قوم كانوا في الجاهلية لا يسعون بينهما ، فلما جاء الإسلام تخوفوا السعي بينهما كما كانوا يتخوّفونه في الجاهلية . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة قوله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ الآية ، فكان حيّ من تهامة في الجاهلية لا يسعون بينهما ، فأخبرهم الله أن الصفا والمروة من شعائر الله ، وكان من سنة إبراهيم وإسماعيل الطواف بينهما .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : كان ناس من أهل تهامة لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فأنزل الله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني عروة بن الزبير ، قال : سألت عائشة فقلت لها : أرأيت قول الله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما ؟ وقلت لعائشة : والله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة فقالت عائشة : بئس ما قلت يا ابن أختي ، إن هذه الآية لو كانت كما أوّلتها كانت لا جناح عليه أن لا يطوّف بهما ، ولكنها إنما أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلّون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون بالمشلّل ، وكان من أهلّ لها يتحرّج أن يطوف بين الصفا والمروة ، فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرّج أن نطوف بين الصفا والمروة ، أنزل الله تعالى ذكره : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما . قالت عائشة : ثم قد سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان رجال من الأنصار ممن يهلّ لمناة في الجاهلية ومناة صنم بين مكة والمدينة ، قالوا : يا نبيّ الله إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة ، فهل علينا من حرج أن نطوف بهما ؟ فأنزل الله تعالى ذكره : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما . قال عروة : فقلت لعائشة : ما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة ، قال الله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ قالت : يا ابن أختي ألا ترى أنه يقول : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ ؟

قال الزهري : فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمَن بن الحارث بن هشام ، فقال : هذا العلم قال أبو بكر : ولقد سمعت رجالاً من أهل العلم يقولون : لما أنزل الله الطواف بالبيت ولم ينزل الطواف بين الصفا والمروة ، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة ، وإن الله قد ذكر الطواف بالبيت ، ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة ، فهل علينا من حرج أن لا نطوف بهما ؟ فأنزل الله تعالى ذكره : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ الآية كلها . قال أبو بكر : فأسمع أن هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما فيمن طاف وفيمن لم يطف .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : كان ناس من أهل تهامة لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فأنزل الله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره قد جعل الطواف بين الصفا والمروة من شعائر الله ، كما جعل الطواف بالبيت من شعائره . فأما قوله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما فجائز أن يكون قيل لكلا الفريقين اللذين تخوّف بعضهم الطواف بهما من أجل الصنمين اللذين ذكرهما الشعبي ، وبعضهم من أجل ما كان من كراهتهم الطواف بهما في الجاهلية على ما روي عن عائشة . وأيّ الأمرين كان من ذلك فليس في قول الله تعالى ذكره : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما الآية ، دلالة على أنه عنى به وضع الحرج عمن طاف بهما ، من أجل أن الطواف بهما كان غير جائز بحظر الله ذلك ثم جعل الطواف بهما رخصة لإجماع الجميع ، على أن الله تعالى ذكره لم يحظر ذلك في وقت ، ثم رخص فيه بقوله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما .

وإنما الاختلاف في ذلك بين أهل العلم على أوجه فرأى بعضهم أن تارك الطواف بينهما تارك من مناسك حجه ما لا يجزيه منه غير قضائه بعينه ، كما لا يجزي تارك الطواف الذي هو طواف الإفاضة إلا قضاؤه بعينه ، وقالوا : هما طوافان أمر الله بأحدهما بالبيت ، والاَخر بين الصفا والمروة .

ورأى بعضهم أن تارك الطواف بهما يجزيه من تركه فدية ، ورأوا أن حكم الطواف بهما حكم رمي بعض الجمرات ، والوقوف بالمشعر ، وطواف الصّدَر ، وما أشبه ذلك مما يجزي تاركه من تركه فدية ولا يلزمه العود لقضائه بعينه .

ورأى آخرون أن الطواف بهما تطوّع ، إن فعله صاحبه كان محسنا ، وإن تركه تارك لم يلزمه بتركه شيء . والله تعالى أعلم .

ذكر من قال : إن السعي بين الصفا والمروة واجب ولا يجزي منه فدية ومن تركه فعليه العودة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : لعمري ما حجّ من لم يَسْعَ بين الصفا والمروة ، لأن الله قال : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال مالك بن أنس : من نسي السعي بين الصفا والمروة حتى يستبعد من مكة فليرجع فليسع ، وإن كان قد أصاب النساء فعليه العمرة والهدي . وكان الشافعي يقول : على من ترك السعي بين الصفا والمروة حتى رجع إلى بلده العَوْد إلى مكة حتى يطوف بينهما لا يجزيه غير ذلك . حدثنا بذلك عنه الربيع .

ذكر من قال : يجزى منه دم وليس عليه عود لقضائه : قال الثوري بما :

حدثني به عليّ بن سهل ، عن زيد بن أبي الزرقاء عنه ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إن عاد تارك الطواف بينهما لقضائه فحسن ، وإن لم يعد فعليه دم .

ذكر من قال : الطواف بينهما تطوّع ولا شيء على من تركه ، ومن كان يقرأ : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لاَ يَطّوّفَ بِهِما .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : قال عطاء : لو أن حاجّا أفاض بعدما رمى جمرة العقبة فطاف بالبيت ولم يسع ، فأصابها يعني امرأته لم يكن عليه شيء ، لا حجّ ولا عمرة من أجل قول الله في مصحف ابن مسعود : «فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لاَ يَطّوّفَ بِهِما » فعاودته بعد ذلك ، فقلت : إنه قد ترك سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : ألا تسمعهُ يقول : فمن تطوع خيرا ، فأبى أن يجعل عليه شيئا ؟

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عبد الملك ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه كان يقرأ : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ الآية ، «فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما » .

حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، قال سمعت أنسا يقول : الطواف بينهما تطوّع .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا عاصم الأحول ، قال : قال أنس بن مالك : هما تطوّع .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما قال : فلم يُحرّجْ من لم يطف بهما .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا أحمد ، عن عيسى بن قيس ، عن عطاء ، عن عبد الله بن الزبير ، قال : هما تطوّع .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، قال : قلت لأنس بن مالك : السعي بين الصفا والمروة تطوع ؟ قال : تطوّع .

والصواب من القول في ذلك عندنا أن الطواف بهما فرض واجب ، وأن على من تركه العود لقضائه ناسيا كان أو عامدا لأنه لا يجزيه غير ذلك ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حجّ بالناس فكان مما علمهم من مناسك حجهم الطواف بهما . ذكر الرواية عنه بذلك :

حدثني يوسف بن سلمان ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : لما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفا في حجه ، قال : «إنّ الصّفا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ ابْدَءُوا بِمَا بَدأ اللّهُ بِذِكْرِه » فبدأ بالصفا فرقي عليه .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمود بن ميمون أبو الحسن ، عن أبي بكر بن عياش ، عن ابن عطاء عن أبيه ، عن ابن عباس : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ » ، فأتى الصفا فبدأ بها ، فقام عليها ، ثم أتى المروة فقام عليها وطاف وسعى .

فإذا كان صحيحا بإجماع الجميع من الأمة أن الطواف بهما على تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في مناسكهم وعمله في حجه وعمرته ، وكان بيانه صلى الله عليه وسلم لأمته جمل ما نصّ الله في كتابه وفَرَضه في تنزيله ، وأمر به مما لم يدرك علمه إلا ببيانه لازما العمل به أمته كما قد بينا في كتابنا «كتاب البيان عن أصول الأحكام » إذا اختلفت الأمة في وجوبه ، ثم كان مختلفا في الطواف بينهما هل هو واجب أو غير واجب ، كان بيّنا وجوب فرضه على من حجّ أو اعتمر لما وصفنا ، وكذلك وجوب العود لقضاء الطواف بين الصفا والمروة ، لما كان مختلفا فيما على من تركه مع إجماع جميعهم ، على أن ذلك مما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه أمته في حجهم وعمرتهم إذ علمهم مناسك حجهم ، كما طاف بالبيت وعلمه أمته في حجهم وعمرتهم ، إذ علمهم مناسك حجهم وعمرتهم ، وأجمع الجميع على أن الطواف بالبيت لا تجزي منه فدية ولا بدل ، ولا يجزي تاركه إلا العود لقضائه كان نظيرا له الطواف بالصفا والمروة ، ولا تجزي منه فدية ولا جزاء ، ولا يجزي تاركه إلا العود لقضائه ، إذ كانا كلاهما طوافين أحدهما بالبيت والاَخر بالصفا والمروة .

ومن فرّق بين حكمهما عكس عليه القول فيه ، ثم سئل البرهان على التفرقة بينهما ، فإن اعتلّ بقراءة من قرأ : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لاَ يَطّوّفَ بِهِما قيل : ذلك خلاف ما في مصاحف المسلمين ، غير جائز لأحد أن يزيد في مصاحفهم ما ليس فيها . وسواء قرأ ذلك كذلك قارىء ، أو قرأ قارىء : ثُمّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ولْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطّوّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيق فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لاَ يَطّوّفُوا بِهِ . فإن جاءت إحدى الزيادتين اللتين ليستا في المصحف كانت الأخرى نظيرتها ، وإلا كان مجيز إحداهما إذا منع الأخرى متحكما ، والتحكم لا يعجز عنه أحد . وقد رُوي إنكار هذه القراءة وأن يكون التنزيل بها عن عائشة .

حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قلت لعائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السنّ : أرأيت قول الله عزّ وجل : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوّفَ بِهِما فما نرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما ؟ فقالت عائشة : كلا لو كانت كما تقول كانت «فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما » ، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد ، وكانوا يتحرّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله : إنّ الصّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطّوفَ بِهِما .

وقد يحتمل قراءة من قرأ : «فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ لاَ يَطّوّفَ بِهِما » أن تكون «لا » التي مع «أن » صلة في الكلام ، إذ كان قد تقدمها جحد في الكلام قبلها ، وهو قوله : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ ، فيكون نظير قول الله تعالى ذكره : قَالَ مَا مَنَعَكَ أنْ لاَ تَسْجُدَ إذْ أمَرْتُكَ بمعنى ما منعك أن تسجد ، وكما قال الشاعر :

ما كانَ يَرْضَى رَسُولُ اللّهِ فِعْلَهُما والطّيّبان أبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ

ولو كان رسم المصحف كذلك لم يكن فيه لمحتجّ حجة مع احتمال الكلام ما وصفنا لما بينا أن ذلك مما علّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في مناسكهم على ما ذكرنا ، ولدلالة القياس على صحته ، فكيف وهو خلاف رسوم مصاحف المسلمين ، ومما لو قرأه اليوم قارىء كان مستحقا العقوبة لزيادته في كتاب الله عزّ وجل ما ليس منه ؟

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ تَطَوّعَ خَيْرا فإنّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ .

اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة : وَمَنْ تَطَوّعَ خَيْرا على لفظ المضي بالتاء وفتح العين . وقرأته عامة قراء الكوفيين : «وَمَنْ يَطّوَعَ خَيْرا » بالياء وجزم العين وتشديد الطاء ، بمعنى : ومن يتطوّع . وذكر أنها في قراءة عبد الله : «ومن يتطوّع » . فقرأ ذلك قرّاء أهل الكوفة على ما وصفنا اعتبارا بالذي ذكرنا من قراءة عبد الله سوى عاصم فإنه وافق المدنيين ، فشددوا الطاء طلبا لإدغام التاء في الطاء . وكلتا القراءتين معروفة صحيحة متفق معنياهما غير مختلفين ، لأن الماضي من الفعل مع حروف الجزاء بمعنى المستقبل ، فبأيّ القراءتين قرأ ذلك قارىء فمصيب .

ومعنى ذلك : ومن تطوّع بالحجّ والعمرة بعد قضاء حجته الواجبة عليه ، فإن الله شاكر له على تطوّعه له بما تطوّع به من ذلك ابتغاء وجهه فمجازيه به ، عليم بما قصد وأراد بتطوّعه بما تطوّع به .

وإنما قلنا إن الصواب في معنى قوله : فَمَنْ تَطَوّعَ خَيْرا هو ما وصفنا دون قول من زعم أنه معنيّ به : فمن تطوّع بالسعي والطواف بين الصفا والمروة لأن الساعي بينهما لا يكون متطوّعا بالسعي بينهما إلا في حجّ تطوّع أو عمرة تطوّع لما وصفنا قبل وإذ كان ذلك كذلك كان معلوما أنه إنما عنى بالتطوّع بذلك التطوّع بما يعمل ذلك فيه من حجّ أو عمرة .

وأما الذين زعموا أن الطواف بهما تطوّع لا واجب ، فإن الصواب أن يكون تأويل ذلك على قولهم : فمن تطوّع بالطواف بهما فإن الله شاكر لأن للحاجّ والمعتمر على قولهم الطواف بهما إن شاء وترك الطواف ، فيكون معنى الكلام على تأويلهم : فمن تطوّع بالطواف بالصفا والمروة ، فإن الله شاكر تطوّعه ذلك ، عليم بما أراد ونوى الطائف بهما كذلك . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَمَنْ تَطَوّعَ خَيْرا فإنّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ قال : من تطوّع خيرا فهو خير له ، تطوّع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت من السنن .

وقال آخرون : معنى ذلك : ومن تطوّع خيرا فاعتمر . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : وَمَنْ تَطَوّعَ خَيْرا فإنّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ من تطوّع خيرا فاعتمر فإن الله شاكر عليم قال : فالحجّ فريضة ، والعمرة تطوّع ، ليست العمرة واجبة على أحد من الناس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (158)

إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ( 158 )

{ الصفا والمروة } : جبيلان بمكة ، و { الصفا } جمع صفاة ، وقيل : هو اسم مفرد جمعه صفى وأصفاء ، وهي الصخرة العظيمة ، قال الراجز : [ الرجز ] ( {[1442]} )

مواقعُ الطَّيرِ على الصَّفى . . . وقيل : من شروط الصفا البياض والصلابة ، و { المروة } واحدة المرو ، وهي الحجارة الصغار التي فيها لين ، ومنه قول الذي أصاب شاته الموت من الصحابة «فذكيتها بمروة »( {[1443]} ) ، ومنه قيل الأمين : «اخرجني إلى أخي فإن قتلني فمروة كسرت مروة ، وصمصامة قطعت صمصامة »( {[1444]} ) ، وقد قيل في المرو : إنها الصلاب . قال الشاعر( {[1445]} ) : [ الوافر ]

وَتَوَلَّى الأَرْضَ خِفّاً ذَابِلاً . . . فإذَا ما صَادَفَ الْمَرْوَ رَضَخْ

والصحيح أن المرو الحجارة صليبها ورخوها الذي يتشظى( {[1446]} ) وترق حاشيته ، وفي هذا يقال المرو أكثر ، وقد يقال في الصليب ، وتأمل قول أبي ذؤيب : [ الكامل ]

حتى كأني للحوادث مروة . . . بصفا المشقر كل يوم تقرع( {[1447]} )

وجبيل { الصفا } بمكة صليب ، وجبيل { المروة } إلى اللين ماهق( {[1448]} ) ، فبذلك سميا ، قال قوم : ذكر { الصفا } لأن آدم وقف عليه ، ووقفت حواء على المروة فانثت لذلك .

وقال الشعبي : «كان على الصفا صنم يدعى إسافاً ، وعلى المروة صنم يدعى نائلة » ، فاطرَد ذلك في التذكير والتأنيث وقدم المذكر ، و { من شعائر الله } معناه من معالمه ومواضع عبادته( {[1449]} ) ، وهي جمع شعيرة أو شعارة ، وقال مجاهد : ذلك راجع إلى القول ، أي مما أشعركم الله بفضله ، مأخوذ من تشعرت إذا تحسست( {[1450]} ) ، وشعرت مأخوذ من الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب ، والشعار مأخوذ من الشعر ، ومن هذه اللفظة هو الشاعر( {[1451]} ) : و { حج } معناه قصد وتكرر ، ومنه قول الشاعر( {[1452]} ) : [ الطويل ]

وأَشْهَدُ مِنْ عوفٍ حلولاً كثيرةً . . . يحجُّونَ سَبَّ الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا

ومنه قول الآخر( {[1453]} ) : [ البسيط ]

يحج مأمومةً في قَعْرِها لجفُ . . . و { اعتمر } زار وتكرر مأخوذ من عمرت الموضع ، وال { جناح } الإثم والميل عن الحق والطاعة ، ومن اللفظة الجناح لأنه في شق ، ومنه قيل للخباء جناح لتمايله وكونه كذي أجنحة ، ومنه : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها }( {[1454]} ) [ الأنفال : 61 ] ، و { يطوف } أصله يتطوف( {[1455]} ) سكنت التاء وأدغمت في الطاء .

وقرأ أبو السمال «أن يطاف » وأصله يطتوف تحركت الواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفاً فجاء يطتاف أدغمت التاء بعد الإسكان في الطاء على مذهب من أجاز إدغام الثاني في الأول ، كما جاء في مدكر ، ومن لم يجز ذلك قال قلبت طاء ثم أدغمت الطاء في الطاء ، وفي هذا نظر لأن الأصلي أدغم في الزائد وذلك ضعيف( {[1456]} ) .

وروي عن ابن عباس وأنس بن مالك وشهر بن حوشب أنهم قرؤوا «أن لا يتطوف » وكذلك في مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب «أن لا يطوف »( {[1457]} ) ، قيل : «أن لا يطوف » بضم الطاء وسكون الواو( {[1458]} ) .

وقوله تعالى : { إن الصفا والمروة من شعائر الله } خبر يقتضي الأمر بما عهد من الطواف بهما .

وقوله { فلا جناح } ليس المقصد منه إباحة الطواف لمن شاء ، لأن ذلك بعد الأمر لا يستقيم ، وإنما المقصد منه رفع ما وقع في نفوس قوم من العرب من أن الطواف بينهما فيه حرج ، وإعلامهم أن ما وقع في نفوسهم غير صواب ، واختلف في كيفية ذلك( {[1459]} ) فروي أن الجن كانت تعرف وتطوف بينهما في الجاهلية فكانت طائفة من تهامة لا تطوف بينهما في الجاهلية لذلك ، فلما جاء الإسلام تحرجوا من الطواف( {[1460]} ) .

وروي عن عائشة رضي الله عنها أن ذلك في الأنصار وذلك أنهم كانوا يهلون لمناة التي كانت بالمشلل حذو قديد ويعظمونها فكانوا لا يطوفون بين إساف ونائلة إجلالاً لتلك ، فلما جاء الإسلام تحرجوا فنزلت هذه الآية( {[1461]} ) ، وروي عن الشعبي أن العرب التي كانت تطوف هنالك كانت تعتقد ذلك السعي إجلالاً لإساف ونائلة ، وكان الساعي يتمسح بإساف فإذا بلغ المروة تمسح بنائلة وكذلك حتى تتم أشواطه ، فلما جاء الإسلام كرهوا السعي هنالك إذ كان بسبب الصنمين( {[1462]} ) .

واختلف العلماء في السعي بين الصفا والمروة( {[1463]} ) فمذهب مالك والشافعي أن ذلك فرض ركن من أركان الحج لا يجزي تاركه أو ناسيه إلا العودة ، ومذهب الثوري وأصحاب الرأي أن الدم يجزيء تاركه وإن عاد فحسن ، فهو عندهم ندب ، وروي عن أبي حنيفة : إن ترك أكثر من ثلاثة أشواط فعليه دم ، وإن ترك ثلاثة فأقل فعليه لكل شوط إطعام مسكين ، وقال عطاء ليس على تاركه شيء لا دم ولا غيره ، واحتج عطاء بما في مصحف ابن مسعود «أن لا يطوف بهما » وهي قراءة خالفت مصاحف الإسلام ، وقد أنكرتها عائشة رضي الله عنها في قولها( {[1464]} ) لعروة حين قال لها «أرأيت قول الله : { فلا جناح أن يطوف بهما } ؟ فما نرى على أحد شيئاً ألا يطوف بهما » قالت : «يا عروة( {[1465]} ) كلا لو كان ذلك لقال : فلا جناح عليه ألا يطوف بها » .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وأيضاً فإن ما في مصحف ابن مسعود يرجع إلى معنى أن يطوف وتكون «لا » زائدة صلة في الكلام( {[1466]} ) ، كقوله { ما منعك ألا تسجد } [ الأعراف : 12 ] ، وكقول الشاعر( {[1467]} ) : [ البسيط ]

ما كان يرضى رسولُ اللَّهِ فِعْلَهُمُ . . . والطِّيبانِ أبو بَكْرٍ ولا عمرُ

أي وعمر وكقول الآخر( {[1468]} ) : [ الرجز ]

وما ألومُ البِيضَ أَنْ لا تَسْخَرَا . . . ومذهب مالك وأصحابه في العمرة أنها سنة إلا ابن حبيب فإنه قال بوجوبها ، وقرأ قوم من السبعة وغيرهم «ومن يطوع » بالياء من تحت على الاستقبال والشرط ، والجواب في قوله { فإن } ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم «تطوع » على بابه في المضي ، ف { من } على هذه القراءة بمعنى الذي ، ودخلت الفاء في قوله { فإن } للإبهام الذي في { من } ، حكاه مكي ، وقال أبو علي : يحتمل «تطوع » أن يكون في موضع جزم و { من } شرطية ، ويحتمل أن تكون { من } بمعنى الذي والفعل صلة لا موضع له من الإعراب ، والفاء مؤذنة أن الثاني وجب لوجوب الأول ، ومن قال بوجوب السعي قال : معنى { تطوع } أي زاد براً بعد الواجب ، فجعله عاماً في الأعمال ، وقال بعضهم : معناه من تطوع بحج أو عمرة بعد حجة الفريضة ، ومن لم يوجب السعي قال : المعنى من تطوع بالسعي بينهما ، وفي قراءة ابن مسعود «فمن تطوع بخير » ومعنى { شاكر } أي يبذل الثواب والجزاء( {[1469]} ) ، { عليم } بالنيات والأعمال لا يضيع معه لعامل بر ولا غيره عمل .


[1442]:- هو الأخيل الطائي أبو المقدام بن عبيد بن الأعثم بن قيس – وأول الرجز: كأن مَتْنِيَّ مِنَ النَّفي... مَوَاقِع الطَّير على الصُّفِيِّ... مِن طول إشرافي على الطّويّ. والنفي: ما تطاير من الماء عند الرشاء على ظهر الماتح – شبه الماء وقد وقع على متن المُسْتَقِي بِذرْق الطائر على الصفي، جمع صفا.
[1443]:- أي بحجارة رقيقة حادّة كالسكين. ومعنى ذكّيتها: ذبحتها - قال تعالى - : [وما أكل السّبع إلا ماذكّيتم].
[1444]:- في تاريخ الخلفاء للسيوطي: أسند الصولي أن الأمين قال لكاتبه: اكتب: من عبد الله محمد أمير المؤمنين إلى طاهر بن الحسين، سلام عليك، أما بعد، فإن الأمر قد خرج بيني وبين أخي إلى هتك الستور، وكشف الحرم، ولست آمنا أن يطمع في هذا الأمر السحيق البعيد لشتات أُلْفَتِنَا، واختلاف كلمتنا، وقد رضيت أن تكتب لي أمانا لأخرج إلى أخي، فإن تفضل عليّ فأهل لذلك، وإن قتلني فمروة كسرت مروة، وصمصامة قطعت صمصامة، ولأن يفترسني السبع أحب إلي من أن ينبحني الكلب ا. هـ.
[1445]:- هو الأعشى قيس بن ميمون، يصف ناقته بالقوة على السير، وفي رواية: وتولّى الأرض خُفّا مُجْمَراً ويقال: أجمر الرجل أو البعير أسرع في السير – وروي أيضا: خُفًّا زائلا. ورضح معناه: دقَّ وكسر، ويقال: رضحه رضحا: دقّه بحجر وكسره، فهو مرضوح ورضيح. يقال: رضح الحصى والنوى.
[1446]:- أي يتطاير شظايا، والشظيّة الفلقة من الشيء.
[1447]:- المُشَقَّر: موضع ببلاد العرب، أو حصن عظيم لعبد قيس، ويروى: بصفا المشرق، وهو سوق بالطائف أو مسجد الحيف بمنى، وخصّه لكثرة مرور الناس به، فهم يقرعون حجارته عند مرورهم.
[1448]:- أبيض اللون.
[1449]:- يعني أنهما من مناسك الحج. قال (ح): وليس الجبلان لذاتهما من شعائر الله، بل ذلك على حذف مضاف، أي أن طواف الصفا والمروة، ومعنى من شعائر الله: معالمه، وإذا قلنا: معنى من شعائر الله: من مواضع عبادته فلا يحتاج إلى حذف مضاف في الأول، بل يكون ذلك في الجر. (البحر المحيط 1-456).
[1450]:- يقال: تحسّست الشيء إذا تطلبته. ورجل حسّاس للأخبار كثير العلم بها.
[1451]:- لأنه مأخوذ من شعرت إذا فطنت وعلمت – لفطنته وعلمه، ومن ثم كان من شروط الشعر القصد، فإذا لم يقصده فكأنه لم يشعر به.
[1452]:- هو المخبل السعدي، وفي رواية بدل (بيت) سِبَّ – والسِّبُّ بالكسر العمامة، والمراد أنهم يترددون إليه مرة بعد أخرى لسؤْدده، والحُلول: جمع حالٍّ بمعنى الجموع الكثيرة.
[1453]:- هو عذار بن درة الطائي، ونص البيت: يحجّ مأمُومةً في قعْرهَـا لَجَــفٌ فاسْتُ الطَّبِيبِ قَذَاها كَالمَغَـاريــدِ جمع مغرود.
[1454]:- من الآية (61) من سورة (الأنفال).
[1455]:- ومثله قراءة (يطَّوع) على أنه فعل مستقبل.
[1456]:- على هذا اقتصر أبو حيان رحمه الله وهو الظاهر.
[1457]:- خرجت هذه القراءة على زيادة (لا)، نحو قوله تعالى: [ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك] قال (ح) رحمه الله: ولا يلزم أن تكون زائدة لأن رفع الجناح في فعل الشيء هو رفع في تركه إذ هو تخيير بين الفعل والترك نحو قوله تعالى: [فلا جناح عليهما أن يتراجعا] فعلى هذا تكون (لا) نافية، وتكون قراءة الجمهور فيها رفع الجناح في فعل الطواف نصّا، وفي هذه رفع الجناح في ترك الطواف نصّا، وكلتا القراءتين تدل على التخيير بين الفعل والترك. انتهى. البحر المحيط 1-407،406.
[1458]:- عبارة (ح): وقرأ أبو حمزة: (أنْ يطوف بهما) من طاف يطوف وهي قراءة ظاهرة.
[1459]:- يعني أنه اختلف في كيفية التحرج لاختلاف الروايات، ومجموعها يدل على أن طوائف من العرب تحرَّجوا من السعي بين الصفا والمروة لعدة أسباب فنزلت الآية فيهم كلهم والله أعلم.
[1460]:- رواه السدي كما للواحدي في أسباب النزول.
[1461]:- رواه البخاري ومسلم. وحَذْو: إزاء ومقابل – وقُدَيْد: موضع على الطريق من مكة إلى المدينة.
[1462]:- أقرب الروايات هي التي تقول: إن سبب التحرج هو ما كان في الجاهلية من السعي بينهما لوجود صنمين عليهما فكرهوا أن يطوفوا كما كانوا في الجاهلية، وذلك ما رواه الإمام البخاري عن أنس بن مالك.
[1463]:- قوله تعالى: [فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما] كلام يعطي معنى الإذن، وأما كونه واجبا فمأخوذ من قوله تعالى: [إن الصفا والمروة من شعائر الله] أو من دليل آخر فيكون التنبيه هنا على مجرد الإذن الذي يلزم الواجب من جهة مجرد الإقدام مع قطع النظر عن جواز الترك أو عدمه، مثال ذلك أن يجاب سائل فاتته الظهر مثلا وظن أنه لا يجوز قضاؤها عند الغروب فقيل له: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت، فالغرض إجابته بمقدار ما يدفع شبهته لا بيان أًصل وجوب الظهر عليه، فرفْعُ الجناح راجع إلى التحرج من الطواف بهما لمكان إسافٍ ونائلة، لا إلى نفس الطواف بهما فإنه من شعائر الله، أي من مناسك الحج المقصودة. ولنا أن نحمله على خصوص السبب فيكون المراد منه الطلب والوجوب، ويكون قوله في الآية: [من شعائر الله] قرينة صارفة للفظ (لا جناح) عن مقتضاه في أًصل الوضع والله أعلم.
[1464]:- لفظ البخاري: عن عروة قال: سألت عائشة رض الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: [فلا جناح عليه أن يطوف بهما] فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بالصفا والمروة، قالت بيسما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أوّلتها عليه – كانت: (لا جناح عليه ألا يطّوّف بهما)، ولكنها أنزلت في الأنصار. كانوا قبل أن يُسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهلّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قالوا: يا رسول الله: إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى: [إن الصفا والمروة من شعائر الله] الآية.
[1465]:- تصغير (عروة) للعطف والحنان.
[1466]:- قد لا يقول بذلك عطاء، فهي عنده نافية، ويدل لذلك ما قالته عائشة رضي الله عنها حيث قالت لعروة: لو كانت الآية كما أوّلتها لكانت (ألا يطّوّف بهما).
[1467]:- هو جرير بن عطية. وقد تقدم.
[1468]:- هو أبو النجم العجلي وقد تقدم هذا الرجز وتمامه: ....................... لَمّأ رَأَيْنَ الشَّمَطَ القَفَنْـــدَراَ
[1469]:- يعني أن وصفه تعالى بذلك من باب المجاز والتوسع لأن الله هو المنعم، ولا نعمة لأحد عليه.