تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

{ 10-12 } { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

يقول تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ } من أصول دينكم وفروعه ، مما لم تتفقوا عليه { فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } يرد إلى كتابه ، وإلى سنة رسوله ، فما حكما به فهو الحق ، وما خالف ذلك فباطل . { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي } أي : فكما أنه تعالى الرب الخالق الرازق المدبر ، فهو تعالى الحاكم بين عباده بشرعه في جميع أمورهم .

ومفهوم الآية الكريمة ، أن اتفاق الأمة حجة قاطعة ، لأن اللّه تعالى لم يأمرنا أن نرد إليه إلا ما اختلفنا فيه ، فما اتفقنا عليه ، يكفي اتفاق الأمة عليه ، لأنها معصومة عن الخطأ ، ولا بد أن يكون اتفاقها موافقا لما في كتاب اللّه وسنة رسوله .

وقوله : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي : اعتمدت بقلبي عليه في جلب المنافع ودفع المضار ، واثقا به تعالى في الإسعاف بذلك . { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي : أتوجه بقلبي وبدني إليه ، وإلى طاعته وعبادته .

وهذان الأصلان ، كثيرا ما يذكرهما اللّه في كتابه ، لأنهما يحصل بمجموعهما كمال العبد ، ويفوته الكمال بفوتهما أو فوت أحدهما ، كقوله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وقوله : { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

ثم وجه - سبحانه - أمره إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يرشد المؤمنين إلى وجوب تحاكمهم إلى شريعته - تعالى - إذا ما دب خلاف بينهم ، أو بينهم وبين أعدائهم ، فقال : { وَمَا اختلفتم فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله } .

أى : عليكم أيها المؤمنون - إذ ما اختلفتم فى أمر من الأمور ، أن تحتكموا فيه إلى شريعة الله - عز وجل - ، وأن تقبلوا عن إذعان وطاعة حكمه - تعالى - .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر ذلك خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .

واسم الإِشارة فى قوله - سبحانه - { ذَلِكُمُ الله رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } يعود إلى الله - تعالى - الذى يجب أن يكون التحاكم إليه وحده عند الاختلاف .

أى : ذلك الحاكم العادل الذى لا حاكم بحق سواه { رَبِّي } وخالقى ورازقى . . { عَلَيْهِ } وحده { تَوَكَّلْتُ } واعتمدت فى جميع شئونى { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أى : وإليه وحده أرجع فى كل أمورى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

وقوله : وَما اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللّهِ يقول تعالى ذكره : وما اختلفتم أيها الناس فيه من شيء فتنازعتم بينكم ، فحكمه إلى الله . يقول : فإن الله هو الذي يقضي بينكم ويفصل فيه الحكم . كما .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَما اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللّهِ قال ابن عمرو في حديثه : فهو يحكم فيه ، وقال الحارث : فالله يحكم فيه .

وقوله : ذَلِكُمْ اللّهُ رَبّي عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين بالله هذا الذي هذه الصفات صفاته ربي ، لا آلهتكم التي تدعون من دونه ، التي لا تقدر على شيء عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ في أموري ، وإليه فوّضت أسبابي ، وبه وثقت وَإلَيْهِ أُنِيبُ يقول : وإليه أرجع في أموري وأتوب من ذنوبي .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

المعنى : قل لهم يا محمد : { وما اختلفتم فيه } أيها الناس من تكذيب وتصديق وإيمان وكفر وغير ذلك ، فالحكم فيه والمجازاة عليه ليست إلي ولا بيدي ، وإنما ذلك { إلى الله } الذي صفاته ما ذكر من إحياء الموتى والقدرة على كل شيء ، ثم قال : ذلكم الله ربي وعليه توكلي وإليه إنابتي ورجوعي .